بدأت تأثيرات خلو سدة الرئاسة تظهر تباعاً على مؤسسات وادارات الدولة، واضافة الى التداعيات المباشرة على المستوى السياسي، وهي تداعيات مضاعفة في ظل الخلو الحالي في موقع رئاسة الجمهورية كون الحكومة مستقيلة وتصرّف الاعمال في النطاق الضيق وليست حكومة مكتملة البنيان القانوني والدستوري، فان التداعيات على مستوى المواقع الاساسية في الدولة لا تقل خطورة عن السياق العام الناتج عن الازمة السياسية الحالية.
اعتدنا في لبنان ان نذهب الى خيارات الضرورة الملحة عندما تواجهنا استحقاقات لا بد من التعامل معها بروحية ايجاد الحلول لها، ومن هذه الاستحقاقات الشغور في مراكز الفئة الاولى، لا سيما المراكز العسكرية والامنية، والتي لا تحتمل شغورا ناجما عن عدم امكانية تعيين البدائل كون الامر لا يدخل ضمن مهام حكومة تصريف الاعمال في النطاق الضيق، لذلك يتم اللجوء الى تدابير استثنائية وتحت عنوان "تأمين استمرارية المرفق العام" وعلى قاعدة "ان الضرورات تبيح المحضورات"، بانتظار اعادة انتظام البنيان الدستوري للمؤسسات الدستورية في لبنان.
كثر الحديث عن الشغور في المجلس العسكري الذي يرأسه قائد الجيش العماد جوزاف عون، بحيث يحال تباعا الى التقاعد ثلاثة اعضاء من المجلس مما يفقده النصاب القانوني للاجتماع واتخاذ القرارات، وايضا كثرت التفسيرات والتحليلات حول عدم الذهاب الى الخطوة الاستثنائية لجهة التمديد للاعضاء الثلاثة وفق ما يجيز القانون وهو تمديد يثبنى بناء على اقتراح قائد الجيش وموافقة وزير الدفاع الوطني، ولم ينتبه من تناولوا هذه المسألة ان القيادة لا تتعامل مع هذه المسألة بخلفيات سياسية انما التمهل في اتخاذ القرارا المناسب يعود الى انتظار امرين:
الاول: سبق ان تقدّم "اللقاء الديمقراطي" في حزيران الماضي وعبر النائب الدكتور بلال عبدالله باقتراحَيْ قانون معجّلين مكرّرين، الأول لتعديل المادّتين 56 و57 من المرسوم الاشتراعي رقم 102 (قانون الدفاع الوطني) المتعلّقتين بالتسريح الحكميّ للعسكريين بحيث يُمدِّد لهم سنتين في كلّ مواقعهم ويُسرّحون حكماً بعد انتهاء المدّة، على أن تكون مدّة تطبيق القانون ثلاث سنوات فقط. والثاني لتعديل المادة 68 من المرسوم الاشتراعي 112 (نظام الموظفين) لتمديد سنّ التقاعد أو الصرف من الخدمة لكلّ الموظفين إلى الثامنة والستين من العمر، أي بزيادة أربع سنوات، وبالتالي فانه كان من الواجب انتظار ما سيقدم عليه المجلس النيابي، لان اي استباق لموقف المجلس لجهة اقرار الاقتراحين من عدمه كان سيفسّر بطريقة سلبية.
الثاني: تم الانتظار حتى الوقت القاتل اي الى تاريخ 15 من الشهر الحالي لتبيان ان كان المجلس سيقرّ الاقتراحين او احدهما، وعندما لم يحصل ذلك جرى التصرّف وفق الطرق المعتمدة واستنادا الى السوابق في هذا المجال لمنع تعطيل المجلس العسكري.
وعلمت "وكالة اخبار اليوم" ان الاجراءات اللازمة سلكت طريقها للتمديد للاعضاء الثلاثة في المجلس العسكري بناء على اقتراح قائد الجيش وموافقة وزير الدفاع، والاعضاء الذين سيطالهم التمديد هم: رئيس الاركان اللواء الركن امين العرم، المفتش العام في وزارة الدفاع الوطني اللواء الركن ميلاد اسحاق ومديرة الادارة في الجيش اللواء الركن مالك شمص، وفي العادة يتم التمديد اما لثلاثة اشهر قابلة للتجديد لثلاثة مرات او لستة اشهر قابلة للتجديد مرة واحدة، ومن المتوقع ان يصدر القرار في القريب العاجل".