سوريا

ألغام الأسد تواصل قتل السوريين رغم انتهاء الحرب

ألغام الأسد تواصل قتل السوريين رغم انتهاء الحرب

ذكرت صحيفة نيويورك تايمز في تقرير أن الألغام الأرضية والذخائر غير المنفجرة ما تزال تشكل تهديداً يومياً لحياة المدنيين في شمال غربي سوريا، وخصوصاً في محافظة إدلب، رغم انتهاء المعارك وسقوط نظام الأسد قبل أشهر. ويسلط التقرير الضوء على ضحايا تلك المتفجرات، لا سيما من الأطفال واليافعين، وعلى التحديات التي تواجه فرق إزالة الألغام في المنطقة.

وقالت الصحيفة انه عندما أسقط الثوار نظام بشار الأسد في كانون الأول الماضي، سارع الأهالي إلى العودة إلى بيوتهم في المناطق القريبة من خطوط الجبهات خلال الحرب السورية التي عصفت بالبلاد لمدة 14 عاماً، وعلى رأسها محافظة إدلب الواقعة في شمال غربي سوريا.

تلك هي غريزة السوري، بحسب رأي علي شلوم مدير مشفى الشفاء في إدلب، والذي تابع بالقول: "حتى لو كان البيت مدمراً، سأعود وأحتسي كوباً من الشاي أمام البيت فقط لأنه بوسعي فعل ذلك".

لكن نهاية القتال لم تحمل معها نهاية للخطر.

إذ في تلك المنطقة، زرعت قوات الأسد البائدة ألغاماً أرضية في الحقول والمباني، بل حتى بين الركام، ناهيك عن غيرها من الذخائر التي لم تنفجر والتي بقيت تنتظر دورها، ولهذا يقدر شلوم بأن واحداً من بين كل خمسة مدنيين يقعون ضحية لتلك الألغام ويصلون على إثر ذلك لمشفى الشفاء بصورة يومية.

الألغام السورية في المرتبة الثانية عالمياً

انفجر لغم بجابر سهام محمد مطر، 12 عاماً، فأصابه بجراح وذلك في أثناء محاولته تحرير خروف يرعاه من أحد الأسلاك الشائكة، ويتذكر هذا الفتى تلك الحادثة بقوله: "لم أحس بأي شيء"، لكنه استفاق ليجد ساقه قد كسرت، وقد تعرض لنزف داخلي إلى جانب الجروح التي أصيبت بها أمعاؤه وذراعاه وظهره وساقاه.

وبحسب مرصد الألغام الأرضية الذي يتعقب عمليات استخدام الألغام الأرضية في العالم والإصابات التي تسفر عنها، فإن سوريا احتلت خلال العام الفائت المركز الثاني على مستوى العالم بأعداد ضحايا الألغام.

وفي الوقت الذي يصعب التحقق من الإحصائيات الدقيقة، تقدر منظمة هالو غير الربحية التي تعمل على إزالة الألغام الأرضية والمتفجرات بأن نحو 340 شخصاً قضوا و 500 آخرين أصيبوا بجراح بسببها منذ سقوط نظام الأسد في سوريا.

وأعلنت تلك المنظمة بأنها أصبحت تتلقى عشرة أضعاف الاتصالات التي كانت تردها قبل سقوط النظام.

وبمجرد عثور فريق هالو على عبوة، فإن الطريقة الآمنة للتخلص منها تتمثل بتفجيرها بشكل تتم السيطرة عليه، وذلك عبر شحنة صغيرة تصلها عبر سلك طويل.

أما العبوات التي لم تزود بصمامات فيعتبر نقلها آمناً، ولذلك تنقل إلى موقع ردم وسط أحد الحقول، ولكن في حال كان اللغم مزوداً بصمام فيجب تفجيره في مكانه.

تمثل الذخائر غير المنفجرة أكبر خطر يهدد اليافعين بحسب منظمة هالو، إذ من أجل تأمين المال لأهاليهم، يقوم اليافعون بترحيل الردم، وتنظيف الحقول وجمع الخردة من المعادن والخشب، وكلها أعمال خطرة.

ومن المرجح أن يسافر هؤلاء من أجل العمل، وخلال تلك الرحلات قد يدوس أحدهم على أحد الألغام الأرضية.

ويعاني من ذلك الأطفال هم أيضاً، إذ أثناء لعبهم خارج البيت، يظنون بأن القذائف غير المنفجرة أو غيرها من العبوات ما هي إلا ألعاب، فيمسكون بها، وعندئذ تنفجر بهم.

يحدثنا عن ذلك نيكولاس توربيت، نائب المدير الإقليمي لمنظمة هالو في الشرق الأوسط، فيقول: "هنالك قسم من تلك القطع تتميز بألوانها الزاهية، وقطعها اللامعة وأشكالها المثيرة للانتباه، والتي تجذب إليها الأطفال بصورة فطرية".

تعرض يوسف النايف، 10 سنوات، لإصابة بلغم في أثناء لعبه مع رفاقه في حقل بقرية حرش بنين.

أما خالد حسين، 25 عاماً، فيخبرنا بأن أهالي المنطقة أجبروا عساكر النظام البائد على مساعدعم في تطهير حقولهم، وعن ذلك يقول: "حتى إنهم أتوا بالقائد العسكري الذي زرع الألغام".

بعد ذلك، عاد هذا الشاب ليزرع الكمون في حقله، غير أن العساكر لم ينتبهوا لوجود صاروخ في الجوار.

حاول محمد الشيخ محمد، قائد فريق إزالة الألغام لدى منظمة هالو، أن يمنع حسين من زراعة حقله إلى أن يجري تفتيش المنطقة كما يجب، وعن ذلك يقول: "في حال إزالة 90% من الألغام، هنالك 10% منها متبقية، وفي ذلك خطر كبير".

ذكرت عدة عائلات بأنها اكتشفت وجود عبوات ناسفة بعد أن وصلتها تطمينات من الفلاحين في المنطقة أو قوات الأمن تؤكد لها خلو المكان من تلك المواد.

تخبرنا عائشة عبود، 47 عاماً، بأنها عادت هي وأسرتها إلى مدينتها التي تحولت إلى خط جبهة في السابق، غير أن ابنها كنعان محمد كنعان، البالغ من العمر 18 عاماً، لمس سلكاً كهربائياً أثناء جمعه للحطب، فانفجرت إثر ذلك عبوتان زرعتا بين الأشجار، ما تسبب بأذيات في دماغ هذا الشاب.

تعلق الأم عائشة على ذلك بقولها: "هنالك ألغام في كل مكان، على الأشجار، وعلى الأرض، وداخل البيوت، وحولها، وهذا ما يصيبني بالجنون".

يقرأون الآن