دولي آخر تحديث في 
آخر تحديث في 

لماذا يلوح الرعب النووي في المواجهة بين الهند وباكستان؟

لماذا يلوح الرعب النووي في المواجهة بين الهند وباكستان؟

يحبس العالم أنفاسه في ظل تصاعد رقعة القتال بين الهند وباكستان، وسقوط عشرات القتلي من الجانبين، خشية انزلاق الجارتين إلى حرب شاملة، تضاف إلى ثلاث حروب خاضها الجانبان منذ الاستقلال في أربعينيات القرن الماضي، نجحا خلالها في تفادي السيناريو النووي المدمر، لكن يبقى الهاجس الأكبر حالياً الحسابات الخاطئة وسوء التقدير الذي قد يتسبب في إصدار «إنذار خاطئ»، قد يدفع بالبلدين إلى استخدام ترسانتهما البالغة حوالي 400 رأس نووي، لن يحتاجا خلالها إلا لثوان معدودة.

- أحدث جولات المواجهة

ولم يعد خطر نشوب حرب نووية بعيداً، في ظل التصعيد العسكري المتبادل، والذي جاء بعد اتهام نيودلهي إسلام آباد بالتورط في الضلوع في هجوم في الشطر الهندي من كشمير أدى إلى مقتل 26 شخصاً في 22 إبريل/ نيسان الماضي، شنت الهند على إثرها «عملية سيندور» على أهداف داخل باكستان، اشترك فيها الجيش والقوات البحرية والجوية، في إطلاق ضربات صاروخية دقيقة على 9 أهداف في باكستان والشطر الباكستاني من كشمير.

وتعد هذه هي المرة الأولى منذ حرب عام 1971 التي تُستخدم فيها قوات الدفاع الهندية الثلاث معاً ضد باكستان، التي أعلنت الخميس، إسقاط خمس مقاتلات هندية، من طراز «رافال» و 25 طائرة مسيرة انتهكت مجالها الجوي، فيما شهد الخط الفاصل لوقف إطلاق النار بين الجانبين تبادلاً للقصف المدفعي العنيف.

- هشاشة استراتيجيات الاتصالات

وسلطت صحيفة «ناشونال إنتريست» الأمريكية، الضوء على المواجهة الأخيرة بين الجارتين، على الرغم من وجود قناعة دولية من رغبة هندية باكستانية في عدم الانجرار إلى حرب شاملة، وبالتالي استبعاد السيناريو النووي، لكن التصعيد الحالي بدا يشكل خطراً بوتيرة متسارعة ومقلقة من كلا البلدين، فباتت معها استراتيجيات الاتصالات والإشارات التي كان يمكنها تخفيف التوترات في الماضي أكثر ضعفاً اليوم، وأصبحت الديناميكيات بين الهند وباكستان أكثر ضغطاً وهشاشة. كما أن السياسات القومية في كل من الهند وباكستان لم تترك مجالاً يُذكر لتشجيع ضبط النفس، أو التسوية الدبلوماسية.

- مخاطر سوء التقدير في السيناريو النووي

الصحيفة أشارت أيضاً إلى أن تطور العقائد العسكرية لدى كلا الجانبين نحو إعطاء الأولوية للردود العسكرية السريعة، يزيد من فرص سوء التفسير والمبالغة في رد الفعل. ولا تشير عمليات إطلاق الصواريخ الهندية إلى مجرد استعراض للقوة، بل إلى تصعيد مدروس للرسائل الاستراتيجية، ما يجعل من فرص خفض التصعيد أقل وأضيق نطاقاً وأصعب اغتناماً.

ويزيد من مخاطر «سوء التقدير» بشأن السيناريو النووي، أيضاً، الزمن الضئيل الذي يفصل بين القرار باستخدامه والهجوم، فتقارب البلدين جغرافياً يجعل أي خلل في التقدير أو إنذار خاطئ كفيلاً بإشعال فتيل كارثة «نووية» حيث لا يمتلكان الوقت الكافي لتقييم الوضع وكشف «الإنذار الخاطئ».

كم يحتاج الصاروخ النووي لتدمير هدفه؟

وقارنت الصحيفة المواجهة الأخيرة بين الهند وباكستان بأزمة خليج الخنازير في أوائل الستينيات بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي في ذروة الحرب الباردة، والتهديد المتبادل باستخدام الأسلحة النووية، لكن بعد المسافة بين البلدين، كان يعني أن أي هجوم نووي سوف يستغرق دقائق للوصول إلى الدولة المستهدفة، ما يتيح للمشغلين النوويين الوقت الكافي لفحص أنظمة الكشف الخاصة بهم بحثاً عن أي أخطاء.

- فخ التدمير الشامل

ولم تخل تلك الفترة من الصراع الأمريكي السوفييتي، من إنذارات نووية كاذبة، نجح خلالها المسؤولون عن الترسانة النووية في تفادي حرب مدمرة بأعجوبة، لكن الجولة الحالية من الصراع الهندي الباكستاني، لا يمنح الوقت الكافي للتحقق من أي إنذار نووي خاطئ، فإطلاق أي صاروخ نووي سيصيب هدفه في ثوان، وبالتالي سيتبعه رد فعل مدمر بالوتيرة نفسها، وبالتالي الوقوع في فخ «التدمير الشامل».

وتشير التقارير الدولية إلى أن الهند وباكستان تمتلكان حوالي 400 رأس نووي (يتقاسمها البلدان بالتساوي تقريباً)، معظمها من القنابل الانشطارية (بقوة نحو 10-20 كيلوطن)، مع بعض الأسلحة الهيدروجينية.

ويحوز البلدان صوراً مختلفة من الثالوث النووي، وهو اصطلاح يشير إلى طرق إطلاق الأسلحة النووية من الخزينة النووية الإستراتيجية وتتألف من 3 أسلحة رئيسية: قاذفات القنابل الإستراتيجية (الطائرة)، والصواريخ الباليستية البرية، والصواريخ الباليستية التي تُطلق من الغواصات.

وبحسب معهد ستوكهولم لأبحاث السلام الدولي، فإن الهند لطالما خزنت رؤوسها النووية بشكل منفصل عن منصات الإطلاق المنتشرة خلال فترات السلم.، لكنها مؤخراً قررت وضع الصواريخ في حاويات وإجراء دوريات ردع بحرية، لتتمكن من نشر سلاحها النووي بسرعة على متن الغواصات في حال شوب الحرب. وتؤكد العقيدة النووية الهندية على سياسة الردع وعدم استخدام تلك الأسلحة إلى في حال الرد على هجوم نووي.

ويعتقد أن باكستان تحوز حوالي 170 قنبلة نووية، كما عملت على تطوير ثالوثها النووي، بقدرات إطلاق متطورة برية وجوية وبحرية، مؤكدة في الوقت نفسه تطور قدرات الردع لديها.

وبحسب التقرير السنوي لمعهد ستوكهولم الدولي، فإن البلدان لا يمتلكان أسلحة نووية منشورة، أي جاهزة للإطلاق عند الضرورة، لكن ذلك لا يمنع في انتهاج مبدأ «التدمير الشامل» الجيشين من إخراج الصواريخ النووية من مخازنهما وتجهيزها للاستخدام العملياتي، وذلك في حال فشل الجهود الدبلوماسية في احتواء الأزمة الأخيرة وإسكات المدافع بين البلدين.

يقرأون الآن