سوريا

رامي مخلوف يُعلن تشكيل "ميليشيا" خاصة للدفاع عن العلويين

رامي مخلوف يُعلن تشكيل

سلّطت صحيفة سويسرية هذا الأسبوع الضوء على مساعي رامي مخلوف للعودة إلى المشهد السياسي في سوريا من خلال خطاب الطائفة.

وافادت صحيفة "نويه تسورخير تسايتونغ" السويسرية بأن رامي مخلوف، رجل الأعمال السوري وابن خال الرئيس السابق بشار الأسد، أعلن عبر حساب يُنسب إليه على فيسبوك تأسيس ميليشيا خاصة تهدف إلى “حماية العلويين” في المناطق الساحلية. ووفق ما جاء في التقرير، أثار هذا الإعلان العديد من التساؤلات، وسلّط الضوء على هشاشة الوضع الأمني في سوريا، وسط استمرار التوترات، والانقسامات الطائفية في البلاد.

وكتبت الصحفية آن ألميلينغ في تقرير مسهب: لم تكن هذه المرة الأولى التي يستخدم فيها رامي مخلوف وسائل التواصل الاجتماعي للتعبير عن وجهة نظره. فرجل الأعمال البالغ من العمر 55 عامًا، وإبن خال الرئيس السوري السابق بشار الأسد، كان يُعد أغنى رجل في البلاد، بثروة قدرت بين 5 و10 مليارات دولار – حتى خسر موقعه المقرب من السلطة في عام 2020.

وأشارت آن ألميلينغ إلى أن مخلوف لجأ آنذاك إلى نشر سلسلة من مقاطع الفيديو في محاولة للدفاع عن نفسه، وكسب تعاطف الرأي العام السوري. ورغم الانتشار الواسع لتلك المقاطع، إلا أنها لم تُثمر عن تغيير في موقف الرئيس، كما لم تلقَ استجابة تُذكر من الشارع السوري.

وأضافت ألميلينغ أن أسباب القطيعة بين رامي مخلوف، والرئيس بشار الأسد لا تزال غير معروفة بدقة. فقد ظل مخلوف، لسنوات، أحد أبرز أركان النفوذ الاقتصادي في سوريا، إلى درجة أنه لُقّب بـ”السيد 5%”، في إشارة إلى ما يُقال عن حصته المفترضة في أي صفقة، إذ لم يكن بإمكان أي شخص الاستثمار في سوريا دون مشاركته. غير أن موازين العلاقة انقلبت في عام 2020، بعد اتهامه بتهريب النفط والغاز والتهرب الضريبي، مما أدى إلى مصادرة أصوله، وفرض غرامات باهظة على شركتي اتصالات يسيطر عليهما. وعبر سلسلة مقاطع فيديو علنية له، ظهر الانقسام داخل الأسرة الحاكمة إلى العلن، قبل أن تُفرض عليه قيود على السفر، ويختفي بعدها عن المشهد العام، وسط غموض حول مكان إقامته الحالي.

ووسّعت الصحيفة نطاق تغطيتها بتحليل مفصّل للظهور المزعوم الأخير لرامي مخلوف، مشيرة إلى أنه يحاول إعادة تقديم نفسه كفاعل أمني وسياسي، مستثمرًا تصاعد التوترات في سوريا التي تعاني من انقسامات طائفية وعرقية عميقة.

وأوضحت الصحيفة أن انهيار الدولة المركزية، بعد عقود من حكم عائلة الأسد التي منحت الطائفة العلوية نفوذاً واسعاً في الجيش والإدارة، أثار مخاوف لدى أبناء هذه الطائفة من التعرّض لأعمال انتقامية. وقد شهدت المناطق الساحلية ذات الغالبية العلوية في مارس الماضي أعمال عنف راح ضحيتها مئات المدنيين، عقب هجوم على قوات الأمن التابعة للحكومة الجديدة.

وتضيف الصحيفة أنه عقب أعمال العنف، نُشر بيان على حساب في فيسبوك يُعتقد أنه يعود إلى مخلوف، عبّر فيه عن صدمته مما حدث، ودعا إلى إجراءات عاجلة لحماية ما أسماه بـ “أبناء منطقتنا”. ليتم الإعلان بعدها عن تشكيل ميليشيا قوامها 150 ألف مقاتل، بالتعاون مع القائد العسكري السابق سهيل الحسن، المتهم حاليًا في ملفات جرائم حرب.

وعلق الخبير الأمريكي للشؤون السورية ، تشارلز ليستر، بسخرية على الرقم الذي ذكره مخلوف بشأن عدد المقاتلين المحتملين، في منشور على منصة إكس قائلاً: بصراحة، أنا مندهش من أنه لم يتحدث عن 15 مليونًا، بالنظر إلى سجله الحافل بالنجاحات.

وأشارت الصحيفة إلى أن مخلوف طرح في منشوره مبدأ التعاون مع الحكومة لاستعادة الاستقرار: نقترح التعاون مع الحكومة لحماية البلاد وخدمة الشعب واستعادة الأمن والاستقرار – خاصة في المناطق الساحلية السورية.

ورأت الصحفية أنه رغم النبرة التصالحية التي حملها البيان، فإنه يعيد إلى الأذهان تجربة مخلوف السابقة في تأسيس ميليشيا عام 2012، والتي قاتلت إلى جانب النظام قبل أن تُحل بأمر من بشار الأسد في 2019. وأشارت الصحيفة إلى أن هذه السوابق تثير شكوكًا حول نوايا مخلوف الحقيقية، خاصة مع استحضار شخصية مثل سهيل الحسن في هذا السياق.

وربطت الصحيفة هذه التطورات بواقع أكثر اتساعًا، إذ يرى الأكراد في شمال شرق البلاد والدروز في الجنوب الغربي من أنهم غير ممثلين بشكل كاف في الحكومة الجديدة، ذات الغالبية السنية. وعلى الرغم من إبرام اتفاقيات لدمج مقاتليهم في ما يُعرف بـ”الجيش الوطني، فإن كثيرين داخل هاتين الطائفتين يعارضون هذا التوجه، أو على الأقل، يشككون في قدرة الدولة على حمايتهم في حال اندلاع صراع طائفي.

وفي ختام تقريرها، رأت الصحفية أن خطوة مخلوف – في حال صحت نسبتها إليه – لا يمكن فصلها عن محاولته استعادة نفوذه ضمن مشهد سياسي متغير: مخلوف يريد أن يقوم بدورٍ أكبر في سوريا الجديدة.

يقرأون الآن