الأصل فى العلاقة بين الهند وباكستان هو الصراع. منذ استقلالهما عام ١٩٤٧ عن بريطانيا وتقسيم شبه الجزيرة الهندية، لم تعترف الدولتان بالوضع القائم، خاصة فى إقليم كشمير المتنازَع عليه. اندلعت الحروب بينهما طيلة النصف الثانى من القرن الماضى، ونتج عنها انفصال بنجلاديش عن باكستان ١٩٧١. لكن امتلاك إسلام أباد للسلاح النووى ١٩٩٨، بعد حيازة نيودلهى له منذ ١٩٧٤، جعل صراعهما صراع وجود لا حدود. فى كل مرة يضغط جيشا الدولتين على الزناد يُصاب العالم بالرعب من تحول النزاع إلى معركة نووية. كانت القوى الكبرى تُسارع لنزع فتيل التوتر.
لكن عوامل جديدة دخلت جولة الصراع الراهنة، وكان يمكنها تغيير المعادلة العسكرية لولا مسارعة أمريكا للضغط من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار. فى ٢٦ أبريل الماضى، هاجم مسلحون منتجعًا سياحيًّا فى الجزء الهندى من «جامو وكشمير»، مما أسفر عن مصرع ٢٦ شخصًا، فى أسوأ هجوم إرهابى منذ عقدين. على الفور، اتهمت الهند باكستان بشن الهجوم، أو تسهيل مهمة مرتكبيه من جماعة «العسكر الطيبة»، التى تصنفها الهند إرهابية. بعد أسبوعين، ردّت الهند على الهجوم بشَنّ غارات داخل باكستان وفى الجزء التابع لها من كشمير. كان الهجوم شديدًا، وتجاوز المتوقع. اعتقدت الهند والعالم أن باكستان سترد بتحفظ، وعندها تتدخل الوساطات لينتهى الأمر. لكن قبل أيام، ردّت باكستان بشكل فاجأ الهند والعالم. جرى اشتباك جوى يُعتبر الأخطر منذ عقود، بين طائرات باكستانية صينية الصنع، وهندية روسية وأوروبية الصنع. كان التفوق الباكستانى واضحًا. جرى إسقاط مقاتلات هندية، منها الرافال الفرنسية، وتدمير صواريخ وأنظمة دفاع جوى. وكالة رويترز قالت إن هذه المعركة الجوية ستكون موضع دراسة وتقييم من الأكاديميات العسكرية العالمية لمعرفة ما يمكن أن يحدث فى النزاعات الدولية المستقبلية. المعركة كانت علامة فارقة لظهور الأسلحة الصينية المتقدمة، خاصة الطائرات. فى هذه اللحظة، بدأت أمريكا تستوعب ما حدث، وتصاعدت الخشية من تصاعد النزاع إلى حرب نووية.
فى البداية، لم تهتم واشنطن كثيرًا بما يجرى. نائب الرئيس «فانس» قال: «نشجع البلدين على عدم التصعيد، لكننا لن نشارك فى جهود لإنهاء حرب لا علاقة لنا بها». لكن الرد الباكستانى ( بأسلحة صينية) جعل إدارة ترامب تعتقد أن بكين تسعى لإعادة تشكيل توازنات القوى فى جنوب آسيا. تحرك «فانس» ووزير الخارجية «روبيو»، واتصلا بقيادات الهند وباكستان ليتم التوصل إلى وقف القتال بعد ١٢ ساعة فقط من الرد الباكستانى. كان الجميع يقللون من خطورة هذا الرد، لكن نتائجه أجبرت واشنطن ودولًا أخرى على التحرك السريع. تاريخيًّا، ارتبطت باكستان بأمريكا سياسيًّا وعسكريًّا، والهند بروسيا، لكن فى السنوات الأخيرة، تحسنت علاقات واشنطن ونيودلهى، وعمقت إسلام أباد علاقتها بالصين. ٨٠٪ من أسلحتها حاليًا صينية.
أصابع إسرائيل لم تكن بعيدة. باكستان أسقطت طائرات مسيرة من صناعتها. ومع ذلك، فإن المتغير الأكبر فى هذه الجولة من الصراع الهندى الباكستانى هو السلاح الصينى. بكين ترد على أمريكا/ ترامب ليس اقتصاديًّا وسياسيًّا فقط، بل عسكريًّا أيضًا.
المصري اليوم