في خضم الأحداث المتسارعة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط وفي ظل المفاوضات الأميركية الإيرانية حول الملف النووي، إستبق قائد فيلق القدس الإيراني، إسماعيل قاآني، انعقاد القمة العربية في بغداد وزار العراق وإلتقى بشخصيات قيادية موالية لإيران.
مصادر مطلعة أفادت بأن الزيارة تحمل في طياتها هدفين رئيسيين: الأول يرتبط بمحاولة إيران لتوثيق روابطها الاستراتيجية مع الحكومة العراقية، في وقت تشهد فيه المنطقة تحولات دبلوماسية كبيرة.
أما الثاني، فهو محاولات إيران للتأثير في التوازنات الإقليمية قبيل القمة العربية، في مسعى لزيادة نفوذها في المنطقة وتعزيز موقعها في مواجهة التحولات المتسارعة في العلاقات الخليجية الأميركية.
قد تكون هذه الزيارة إحدى محطات تعزيز النفوذ الإيراني في المنطقة، بينما تظل تفاصيلها محاطة بالكثير من التساؤلات حول أهدافها الحقيقية والآثار المحتملة لها على المنطقة.
مصادر إعلامية أفادت ان "زيارة قائد فيلق القدس الإيراني، إسماعيل قاآني إلى العاصمة بغداد، لم تكن من أجل تأمين الحدود المشتركة بين البلدين فقط، إنما جاءت بشأن إيصال رسالة خلال القمة العربية ببغداد، حول رغبة إيران في الحصول على دعم عربي لرفع العقوبات المترتبة عليها".
وأضافت أن "قاآني أكد لقادة الفصائل الى استمرار التهدئة الحالية، سواء مع واشنطن أو في الملف السوري، وعدم تدخلهم فيه"، مؤكدة أن "إيران لا ترغب في أن تمارس تلك الفصائل أي أنشطة قد تؤثر على سير المفاوضات الحالية مع واشنطن".
وقال مستشار الأمن القومي العراقي، قاسم الأعرجي، في بيان تلقته "العالم الجديد"، إنه "استقبل قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني إسماعيل قاآني، وعقد اجتماعا معه في بغداد، جرى خلاله بحث تطوير العلاقات الثنائية والجهود المشتركة في الملف الأمني، فضلا عن مناقشة قضايا إقليمية"، دون إبداء أي تفاصيل أخرى.
وأكد أن الاجتماع "شدد على أهمية نجاح المفاوضات بين واشنطن وطهران، والتزام الجميع بالحوار والتهدئة، للوصول إلى الاستقرار المستدام في المنطقة".
ونشر الأعرجي صورا من استقبال قاآني في بغداد، أظهرت الأخير بملابس مدنية، وفي صورة أخرى برفقة رجل معمّم، وهو ما يعتبر على غير عادة قاآني الذي زار العراق بمرات كثيرة بالزي الرسمي للجنرالات الإيرانيين، كما أن الإعلان الرسمي عن الزيارة بدا لافتا، بحسب مراقبين.
وكان رئيس الحكومة، محمد شياع السوداني، قد قال إن العراق يتابع زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى المملكة العربية السعودية، وما تضمنتها من اجتماعات ثنائية، أو لقاءات مع مجلس التعاون الخليجي.
وبشأن المفاوضات الأميركية – الإيرانية، كشف السوداني، عن "استضافة بغداد لجلسات تفاوضية بين الولايات المتحدة الأميركية والجمهورية الإسلامية في إيران، ضمن مساعٍ عراقية حثيثة لإعادة إحياء الحوار حول الملف النووي الإيراني، مشددا على أن التفاوض هو السبيل الأمثل لمنع التصعيد وضمان استقرار المنطقة.
وتأتي زيارة قاآني في وقت حساس، حيث تستعد العاصمة بغداد لاحتضان القمة العربية يوم السبت المقبل، وسط استنفار أجهزة الأمن والوزارات المعنية لإنجاح القمة، التي بدأ عدد من وزراء الخارجية العرب بالوصول إليها منذ صباح أمس الأربعاء للمشاركة فيها.
وكشفت منظمة "ستميسون" الأميركية، في 11 آيار/ مايو الجاري، عن الخطط الأميركية، التي تسعى الأخيرة من خلالها إلى إعادة تشكيل الحشد الشعبي في العراق، خلال الفترة المقبلة، والتي تتعلق بقطع النفوذ تغيير القيادات وتحجيم الموارد.
فيما حذر تقرير لموقع "أمواج" البريطاني، في 7 آيار/ مايو الجاري، من احتمال استئناف الفصائل هجماتها ضد القوات الأميركية، في ظل ضغوط الرئيس الأميركي دونالد ترامب على إيران، والفصائل الموالية لها، ما قد يدفع بغداد إلى حافة الصراع مجددا.
وفي 15 نيسان/ أبريل الماضي، أكد الخبير الأمني سرمد البياتي، أن الفصائل في العراق ستلتزم بخطين أحدهما عسكري، والآخر سياسي، حيث ستركز خلال الفترة المقبلة على التوجه إلى السياسة والانتخابات.
جاء ذلك، بعد تصريحات الأمين العام لكتائب حزب الله العراق، أبو حسين الحميداوي، بأن العراق والمنطقة يمران بمرحلة "دقيقة وخطيرة"، مشيرا إلى أهمية الاستحقاقات النيابية المقبلة، فيما أكد أن المشاركة الفاعلة في الانتخابات تمثل "خطوة أساسية لا يجوز الإغفال عنها أو التساهل فيها"،فيما دعا المواطنين إلى إنهاء تحديث بياناتهم في الوقت المناسب "كي لا يضيّعوا حقوقهم وحقوق أهليهم وبلدهم"، مشددا على أن "التهاون لا يخدم إلا الفاسدين ومن يقف خلفهم".
وكان ممثل فصيل "النجباء" في إيران، عباس الموسوي، اتهم الشهر الماضي، الولايات المتحدة الأميركية، بممارسة ضغوط على الحكومة العراقية، بهدف تهميش الحشد الشعبي، مبينا أن قوات الحشد الشعبي كانت ولا تزال جزءا لا يتجزأ من القوات المسلحة العراقية".
وأضاف أن "الحشد مؤسسة رسمية ومستقلة، بإشراف رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة العراقية، منذ تأسيسها وحتى اليوم"، مردفا بالقول إنه "مع صدور القانون الجديد، فإن قوات الحشد سوف تتمتع باستقلال نسبي، وسوف تستمر في الخضوع لإشراف رئيس مجلس الوزراء العراقي، وليس الجيش".