بعدما أعلنت السلطات السورية أمس تشكيل هيئتين للعدالة الانتقالية والمفقودين، سعيا لمعالجة ملفين من الأكثر تعقيدا في هذه المرحلة الانتقالية عقب إطاحة حكم الرئيس السابق بشار الأسد، تصاعدت التساؤلات حول عدد المفقودين.
فخلال الحرب الدامية التي بدأت منذ العام 2011، فقد آثر آلاف السوريين سواء داخل السجون أو جراء القصف أو التصفية والخطف، كما لقي الآلاف أيضا حتفهم خلال رحلات اللجوء عبر البحار.
فيما نشطت عشرات الجمعيات الأهلية والحقوقية من أجل توثيق حالات الاختفاء القسري أو الخطف.
كما أطلق الهلال الأحمر السوري بعد سقوط الأسد مبادرة من أجل التبليغ من قبل العائلات السورية عن أي مفقود.
كذلك أطلقت الشؤون المدنية في سوريا تطبيقاً للسجل المدني يتيح الوصول إلى المعلومات التي وثقها النظام السوري السابق بشكل سري، من أجل البحث عن المفقودين وضحايا الاعتقال والتعذيب في السجون منذ 2011، يتيح إرفاق الطلب بصورة للمفقود مع معلومات عنه.
أما عدد المفقودين السوريين خلال الحرب، فلا يزال غير دقيق بشكل كامل.
إنما أشارت التقديرات التي استشهدت بها الأمم المتحدة عام 2021 إلى أن أكثر من 130 ألف شخص في عداد المفقودين نتيجة الصراع في سوريا.
بينما أوضحت اللجنة الدولية لشؤون المفقودين، في موقعها على الإنترنت أن نظام حافظ الأسد (والد بشار الأسد) تسبب بفقدان نحو 17000 شخص، ممّا يشمل حالات لا تزال تكتسب أهمية سياسية كبرى للدول المجاورة.
كما أشارت إلى أن ما لا يقل عن 130000 شخص فقدوا خلال الحرب التي تفجرت في ربيع 2011، بمن فيهم ليس فقط السوريون وإنما مواطنون من 60 دولة أو أكثر. وثمة أيضًا سوريون فُقدوا نتيجةً للهجرة عبر قوارب الموت غير الشرعية.
وأوضحت أنه "منذ بدء الصراع في مارس 2011، قُتل مئات آلاف السوريين؛ ونزح أكثر من 6.5 مليون شخص داخل البلاد، وفرّ 5.6 مليون آخرون سعيًا إلى برّ الأمان في لبنان وتركيا والأردن والعراق وأوروبا".
كذلك لفتت إلى أن "مَن بقي على قيد الحياة من أسر المفقودين فلا يعرف، في عدد من الظروف، ما إذا كان الشخص قد فُقد داخل سوريا أم خارجها، ولعلّ بعض الأقارب، في بعض الحالات، فُقدوا في مواقع مختلفة".
يشار إلى أن الأعوام الماضية من حكم الأسد كانت حفلت بالاعتقالات التعسفية والعنف والتعذيب في السجون، ضمن ممارسات هدفت إلى القضاء على أي شكل من أشكال المعارضة، بحسب منظمات حقوقية.
لذا أتى تشكيل هيئة المفقودين حرصا على كشف مصير آلاف السوريين الذين فقد أثرهم وإنصاف ذويهم، بحسب المرسوم الموقع بتاريخ السبت 17 أيار/مايو 2025. وكلفت الهيئة "بالبحث والكشف عن مصير المفقودين والمختفين قسرا، وتوثيق الحالات، وإنشاء قاعدة بيانات وطنية، وتقديم الدعم القانوني والإنساني لعائلاتهم".
في حين سيرأس تلك الهيئة محمد رضى خلجي الذي عيّن في مارس الماضي عضوا في اللجنة المكلفة بصياغة مسودة إعلان دستوري.
وسبق للعديد من المنظمات الحقوقية وهيئات المجتمع المدني والأطراف الدوليين، التشديد على أهمية العدالة الانتقالية وكشف مصير المفقودين ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات خلال حكم الأسد الذي امتد زهاء ربع قرن، في التأسيس للمرحلة الجديدة في البلاد.