بدأت كميات الغاز الاسرائيلي الموردة إلى مصر في الانخفاض بداية من يوم أمس لما يصل إلى 500 مليون قدم مكعبة من الغاز يومياً.
يأتي ذلك في ظل إجراء الشركات العاملة في إسرائيل عمليات الصيانة في الحقول الإسرائيلية، ما قد يخفّض كميات الغاز الموردة خلال فترة الصيانة التي قد تصل إلى عشرة أيام.
ومن المتوقع أن يتم خفض كميات الغاز الاسرائيلي الموردة إلى مصر خلال شهري يوليو وأغسطس المقبلين لما يتراوح ما بين 800 و850 مليون قدم مكعبة من الغاز يومياً بدلاً من نحو مليار قدم مكعبة من الغاز يومياً حالياً بسبب ارتفاع الاستهلاك المحلي في اسرائيل.
كما تطالب إسرائيل برفع سعر التوريد بنسبة 25% ليصل إلى نحو 9.4 دولار لكل مليون وحدة حرارية، ما يزيد الضغط على التكلفة الكلية للطاقة في مصر.
وفي محاولة للتعامل مع هذا التحدي، لجأت الحكومة المصرية إلى توقيع عقود طويلة الأجل مع قطر لاستيراد الغاز المسال، في خطوة وصفها خبراء بأنها إيجابية على المدى الطويل، خاصة من حيث الأسعار التي يُتوقع أن تكون أقل بنحو 20% من الأسعار الفورية الحالية.
من جانبه، قال النائب السابق بمجلس النواب المصري، الدكتور محمد فؤاد، إن الإنتاج المحلي من الغاز يبلغ حاليا نحو 4 مليارات قدم مكعب يوميا، بينما يصل الاستهلاك في أوقات الذروة إلى 7.5 مليارات قدم مكعب يوميا، ما يخلق فجوة تقدر بـ3.5 مليارات قدم مكعب.
وأضاف فؤاد في مقابلة أجرتها معه "العربية Business"، أن الغاز المستورد عبر خطوط الأنابيب – وأبرزها القادم من إسرائيل – يغطي ما دون مليار قدم مكعب يومي فقط، خفض في الصيف يتراوح دائما بين 8 إلى 10%، بينما يتم اللجوء إلى المازوت خلال شهري مايو ويونيو لتعويض جزء من العجز، على أن يُستكمل الباقي عبر استيراد الغاز المسال بكميات تتراوح بين 2.2 إلى 2.4 مليار قدم مكعب يوميا.
القطاع الصناعي أول المتأثرين
وعند سؤاله حول إمكانية سد الفجوة بالكامل، أكد فؤاد أن المسألة لا تتعلق فقط بالرغبة السياسية في تجنب الانقطاعات، بل بالقدرة الفعلية على تأمين الإمدادات.
وقال: "الأرقام الحالية ترجّح تخفيضا جزئيا في الأحمال الصناعية، خاصة في شهر مايو، لأن ما هو متاح فعليا لا يكفي لتغطية كامل الطلب".
وأضاف أن القطاع الصناعي، الذي يستهلك نحو 1.6 مليار قدم مكعب يوميا، قد يشهد خفضا يتراوح بين 15 إلى 25% من إجمالي الاستهلاك، بينما قد يتم تقليص إمدادات الغاز إلى مصانع الأسمدة – التي تمثل 46% من استهلاك القطاع الصناعي – بنسبة تصل إلى 50%.
تحديات استيراد الغاز المسال
وحول قدرة الدولة على تعويض الانخفاض في الغاز الإسرائيلي عبر استيراد الغاز المسال، أشار فؤاد إلى وجود تحديين رئيسيين:
التمويل: إذ قد تبلغ تكلفة الاستيراد خلال فصل الصيف نحو 1.6 مليار دولار، وهو ما يتطلب توفير اعتمادات دولارية ضخمة.
البنية التحتية: مصر تحتاج إلى ثلاث وحدات عائمة لإعادة تحويل الغاز المسال إلى حالته الغازية وضخه في الشبكة، بينما لا تملك حاليًا سوى سفينة واحدة في ميناء السخنة، وسفن أخرى تُدار بالشراكة مع الأردن أو في طريقها للتشغيل.
وقال فؤاد: "الحكومة تتخذ خطوات سريعة، لكنها تأخرت نسبيا، ولا تزال الصورة الكاملة غير مكتملة حتى الآن".
خطط الإنتاج المحلي
وعن برامج الحكومة لزيادة إنتاج الغاز المحلي، شكّك فؤاد في جدواها على المدى القريب، معتبرا أن معدلات التراجع لم تتوقف منذ 29 شهرا متتاليا.
وأضاف: "هبطنا من 7 مليارات قدم مكعب يوميا إلى أقل من 4 مليارات حاليا. الأرقام المتاحة تشير إلى أنه لا يمكن العودة للاكتفاء الذاتي قبل ثلاث إلى أربع سنوات على الأقل".
واعتبر أن توجه الحكومة لتوقيع عقود استيراد طويلة الأجل حتى عام 2030 هو خيار واقعي ومنطقي، نظرا لبعد المسافة بين مستوى الإنتاج الحالي والطلب المتوقع خلال فترات الذروة.