توقعت أحدث الدراسات التي أجراها بنك (يو بي إس) «UBS» أن تتحكم النساء بـ38% من الأصول القابلة للاستثمار، أي ما يعادل 30 تريليون دولار من القوة المالية، خلال خمس سنوات.
وتُظهر دراسة البنك أن النساء يتحكمن حالياً بـ32% من الثروة العالمية، وهي نسبة مستمرة في الارتفاع مع دخولنا عام 2025. هذا التحول لا يعد مجرد تطور ديموغرافي، بل يعيد تصور كيفية تقديم المشورة وإدارة الاستثمارات.
وقالت لورا ميرليني، المدير التنفيذي لمنطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا في «CAIA»: «في بعض الأحيان نحتاج إلى أحداث قاهرة لتحفيز تحولات أعمق، ويبدو أن «العاصفة المثالية» تحدث الآن في المشهد المالي، التأثير الاقتصادي المتزايد للنساء، إلى جانب نمو الاستثمارات البديلة، يمثل إحدى أهم الفرص في عالم المال اليوم، فمن المتوقع خلال خمس سنوات أن تتحكم النساء بـ38% من الأصول القابلة للاستثمار، أي ما يعادل 30 تريليون دولار من القوة المالية».
ورغم هذا النمو لا تزال هناك حواجز كبيرة، تتمثل في فجوات في التمويل، ووصول محدود إلى الفرص الاستثمارية، وصور نمطية قديمة عن المخاطر والقيادة، خاصة في قطاع الاستثمارات البديلة الذي يهيمن عليه الرجال. وهذه التحديات تكون أشد وطأة على النساء الملونات أو من خارج الشبكات المالية التقليدية. وإذا أراد القطاع اغتنام هذه الفرصة حقاً، فعليه إزالة هذه العقبات وتبنّي ممارسات أكثر شمولاً.
وأضافت ميرليني: «لحسن الحظ، بدأت التغييرات تحدث بالفعل، فعلى الرغم من هذه التحديات تبرز اتجاهات واعدة. النهج الاستثماري طويل الأمد والقائم على القيم الذي تتبعه النساء، الذي يركز على الاستدامة وجودة الحوكمة والتخطيط حسب مراحل الحياة، يتماشى جيداً مع العديد من استراتيجيات الاستثمار البديلة، كما أن الاستثمار بمنظور النوع الاجتماعي يلقى رواجاً متزايداً».
وأشارت ميرليني إلى أن دراسات وأبحاث «UBS» تحدد 3 طرق متكاملة لهذا النوع من الاستثمار، وهي الاستثمار لصالح النساء عبر منتجات وخدمات تلبي احتياجاتهن، والاستثمار في النساء بدعم الشركات التي تقودها نساء، والاستثمار عبر النساء من خلال تشجيع النساء على قيادة المحافظ والمشاريع الاستثمارية.
وقالت ميرليني: «الواقع أن النساء يقدن حالياً موجة تأسيس شركات خاصة وصناديق رأس مال مغامر ومنصات إقراض بديل تركز على سد الفجوات الجندرية».
وقد أثبتت الدراسات أن فرق الاستثمار التي تتمتع بقيادة نسائية قوية تُظهر تقييماً أكثر حكمة للمخاطر، وتقل فيها تقلبات المحافظ، وتحقق عوائد مساوية أو أفضل.
كما تؤدي النساء دوراً بارزاً في دمج عوامل البيئة والمجتمع والحوكمة (ESG)، حيث إن 64% منهن يأخذن هذه العوامل بعين الاعتبار دائماً في قراراتهن الاستثمارية. هذا التوجه يقود رؤوس الأموال نحو الاستثمار التأثيري، والأسهم الخاصة المستدامة، والبنية التحتية الخضراء.
وأشارت ميرليني إلى أن أبحاث «GIIN» تُظهر أن 84% من المستثمرين بمنظور النوع الاجتماعي يستهدفون أيضاً حلول المناخ، إدراكاً لارتباط التحديات ببعضها.
وعلى الرغم من كل ذلك فهناك فجوة كبيرة في كيفية خدمة المستثمرات، فرغم تحكم النساء بما يقارب ثلث الثروة العالمية، فإن نسبة المستشارات الماليات لا تتجاوز 15-20%، كما أن عدداً أقل منهن متخصص في الاستثمارات البديلة.
وتُفضل النساء غالباً أساليب تواصل تختلف عن تلك التي يقدمها المستشارون الذكور؛ إذ يركزن على الأهداف الحياتية والأمان بدلاً من الأداء مقارنة بالمؤشرات، وهن أكثر استعداداً للنظر في البدائل إذا عُرضت عليهن من قبل مستشارين يفهمون تجاربهن.
تعقيد هذه الاستثمارات يتطلب مستشارين قادرين على تبسيط الاستراتيجيات المعقدة وجعلها مفهومة ومتصلة بحياة العميل، وهي مهارة تتميز بها النساء بفضل أسلوب تواصلهن المتعاطف ونهجهن الشمولي في التخطيط المالي.
تضيف المستشارات أيضاً منظوراً مهماً في التخطيط للثروات بين الأجيال، خاصة مع تسارع «التحول الكبير في الثروة»، ما يفتح أبواباً لعلاقات أعمق مع العملاء تتجاوز حدود الإدارة التقليدية للأصول.
ووجهت ميرليني النصيحة لكل من ترغب في دخول أو التوسع في مجال الاستثمارات البديلة ضمن خدمات إدارة الثروات، قائلة إن هناك بعض الخطوات المجدية، وهي تطوير المعرفة في استراتيجيات الاستثمار ومهارات التقييم، وتعد جمعية «CAIA» حليفاً ممتازاً في هذا المجال. والبحث عن رعاة مهنيين، وليس فقط مرشدين، والانضمام إلى شبكات استثمارية نسائية، وإنشاء نوادي استثمار لتبادل الخبرات.
كذلك، فإن تطوير أطروحات استثمار تجمع بين الأهداف المالية والأثر المجتمعي مع التركيز على قطاعات مرتبطة بخبرتك الشخصية، يسهم في مواءمة الاستثمارات مع القيم.
وقالت ميرليني إنه مع اقترابنا من عام 2030، فإن المؤسسات المالية التي تنجح في إشراك النساء كمستثمرات وقائدات ومبتكرات ستقود مستقبلاً متحولاً لإدارة الثروات، قائماً على تنوع وجهات النظر لمعالجة التحديات العالمية المعقدة.
إن ما يُعرف بـ«التحول الكبير في الثروة» لا يُغير فقط من يملك رأس المال، بل يغيّر كيف سيستخدم هذا المال في تشكيل مستقبلنا المشترك.