في تطوّر نادر، كشفت صور التقطتها الأقمار الاصطناعية عن تعرض سفينة حربية كورية شمالية لأضرار كبيرة لحظة تدشينها، في حادثٍ أثار غضب زعيم البلاد كيم جونغ أون، الذي وصف ما حدث بأنه "عمل إجرامي لا يمكن التسامح معه".
ففي يوم الأربعاء، وخلال مراسم إطلاق المدمّرة التي يبلغ وزنها 5,000 طن في حوض بناء السفن في تشونغجين، شمال شرق البلاد، شهد كيم ما وصفته وسائل الإعلام الرسمية بـ"حادث خطير"، إذ سُحقت أجزاء من قاع السفينة، واختل توازنها بشكلٍ جزئي، ما أدى إلى انقلابها جزئيًا، وتركها مائلة في المياه، مع جنوح مقدّمتها إلى اليابسة.
وأظهرت صور الأقمار الاصطناعية السفينة وهي مغطاة بأغطية زرقاء، مائلة على أحد جوانبها، فيما غمر الماء جزءًا كبيرًا من مؤخرتها، ما أكد وقوع خلل تقني كبير في عملية الإطلاق الجانبي، التي تُعد من الطرق المعتمدة في إطلاق السفن من الأحواض إلى المياه.
ورغم محاولة السلطات التقليل من حجم الضرر، أفادت وكالة الأنباء المركزية الكورية الشمالية يوم الجمعة، بأن "الجانب الأيمن من هيكل السفينة تعرّض للخدش، وتسربت كمية من مياه البحر إلى القسم الخلفي عبر قناة الإنقاذ"، لكنها شددت على أن "الأضرار غير خطيرة"، وأنه "لم يتم تسجيل أي ثقوب في قاع السفينة".
لكن ذلك لم يُرضِ الزعيم الكوري الشمالي، الذي اعتبر أن ما حصل ناجم عن "إهمال مطلق"، ويُشكل تقصيرًا إداريًا وإنتاجيًا لا يُغتفر. ووفق الوكالة، فقد تم استدعاء مدير حوض بناء السفن، هونغ كيل هو، للتحقيق، فيما باشرت أجهزة إنفاذ القانون الكورية تحقيقًا موسعًا في خلفيات الحادث.
وأشارت تقارير رسمية إلى أن عمليات إعادة التوازن إلى السفينة من خلال ضخّ المياه من الحجرة العائمة ستستغرق يومين أو ثلاثة، بينما يتوقّع أن تمتد أعمال التصليح الخارجي لحوالى 10 أيام.
الحادث يأتي بعد أسابيع فقط من إعلان بيونغ يانغ عن المدمّرة الجديدة التي أُطلق عليها اسم "تشوي هيون"، وهي مدمّرة حديثة بوزن 5,000 طن، مزودة بأحدث الأسلحة وفق ما وصفه الإعلام الكوري، وكان من المرتقب أن تدخل الخدمة بداية العام المقبل.
وقد أثار تدشين هذه السفينة تكهنات دولية واسعة، خصوصًا بعدما رجّح الجيش الكوري الجنوبي أن تكون السفينة قد بُنيت بمساعدة تقنية روسية، مقابل دعم عسكري قدّمته بيونغ يانغ لموسكو في حربها ضد أوكرانيا، عبر إرسال آلاف العمال الكوريين الشماليين إلى خطوط الإمداد الخلفية في روسيا، بحسب تقييمات استخبارية أميركية وكورية جنوبية.
ويُرجّح أيضًا، بحسب محللين، أن السفينة التي تعرضت للحادث الأربعاء قد تكون جزءًا من برنامج تعاون عسكري غير معلن بين كوريا الشمالية وروسيا، في إطار توطيد العلاقات بين الجانبين في مواجهة الضغوط الغربية المتزايدة.
اللافت أن كيم جونغ أون كان قد ظهر مرارًا في الأشهر الماضية وهو يتفقّد مشاريع عسكرية متقدمة، في سياق سعيه لتعزيز الردع البحري لبلاده، وهو ما يجعل من هذا الحادث انتكاسة محرجة لمسار التسليح الكوري الشمالي، الذي غالبًا ما يُقدَّم في الإعلام الرسمي بصورة متكاملة ومثالية.