شكّلت العودة المفاجئة للمُحقق العدلي في جريمة إنفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار إلى التحقيق صدمةً في أروقة قصر العدل تخطت تبعاتها مكاتبه وصولا الى مقرات أمنية وسياسية. وقد طرحت خطوة البيطار تساؤلات عمّا اذا كان قد تجاوز القوانين اللبنانية وإلى ماذا إستند، في ضوء طلبات الرد كف اليد الموجهة ضده في القضية وغير المبتوت بها بعد.
وفي حين ربط بعض المحللين بين قرار البيطار ولقائه الأخير بوفد قضائي فرنسي، فإن مصادر مُتابعة لملف التحقيق استبعدت ذلك تماماً، مؤكدة ان "القاضي بيطار لا يلعبها سياسياً".
وبحسب ما تشير هذه المصادر لجريدة "الأنباء" الإلكترونيّة، فإنّ "البيطار درس خطوته منذ ما يُقارب الـ 3 أشهر، وهو استشار حقوقيين في الداخل والخارج، وليس سياسيين، من أجل دراسة هذا المخرج"، لافتة بموازاة ذلك إلى أنه يجب إنتظار موقف مجلس القضاء الأعلى والنيابة العامة التمييزية مما حصل.
وقد توّقفت المصادر عند "التوقيت" لقرار البيطار، فاعتبرته "أهم من المضمون، ويلفه الكثير من الغموض، وله أكثر من تفسير، لكن علينا أن ننتظر لنرى ما ستحمله الأيام المقبلة".
من الناحية القانونيّة، رأى الخبير الدستوري والقانوني المحامي سعيد مالك في إتصالٍ مع جريدة "الأنباء" الإلكترونية، أنه "من الثابت أن القرار الذي أصدره القاضي البيطار جاء مستندًا إلى نصوص أصول المحاكمات الجزائية وإلى إجتهاد عمره أكثر من 10 أعوام وما يزيد".
أما السؤال الذي يُطرح، وفق مالك، "ما هو الظرف أو ما هي الحاجة التي دفعت بالقاضي البيطار إلى إصدار قراره الآن حيث كان بإستطاعته إصدار هكذا قرار منذ عام حين تبلغ طلبات الرد وطلبات المخاصمة وطلبات نقل الدعوى، مما يطرح أكثر من علامة إستفهام". وتابع مالك: "لكن اليوم الأساس هو كيف ستنفذ هذه القرارات؟ وما سيكون عليه موقف النيابة العامة التمييزية إن كان لجهة تنفيذ الإشارات والقرارات التي يصدرها المحقق العدلي أم ستعتبر النيابة العامة أنها صادرة عن مرجع غير صالح لا سيما وأن المحقق العدلي وحسب رأي النيابة العامة التمييزية لم تزل يده مكفوفة عن الملف بموجب النزاعات القضائية المقدمة بوجهه، والسؤال الآخر ماذا سيكون موقف وزير العدل وهو السلطة التي عيّنت المحقق العدلي؟ وما سيكون موقف مجلس القضاء العدلي الذي أخذ علمًا بقرار القاضي البيطار وبإستئنافه لعمله؟".
وعليه، يخلص مالك إلى القول بأنّ "الأمور ضبابية حتى تاريخه ونحن بإنتظار الساعات والأيام القادمة حتى نتمكّن من أن نبني على الشيء مُقتضاه".
فَهل تكون قرارات القاضي البيطار الريح التي تكشف الجمر الذي يَبيت تحت الرماد لتُعيد إشعال الشارع من جديد؟