منذ فجر 13 يونيو 2025، تشن إسرائيل سلسلة من الغارات الجوية المكثفة على عدد من المنشآت النووية والعسكرية الإيرانية، من بينها منشأة "فوردو" لتخصيب اليورانيوم، التي تقع عميقًا تحت الأرض. ورغم هذه الهجمات المتلاحقة، تؤكد التقارير أن منشأة "فوردو" لم تتعرض لأضرار كبيرة، فما السبب؟
تقع منشأة "فوردو" في منطقة جبلية محصنة، وتتواجد مكاتبها الرئيسية في أعماق الأرض بين 80 إلى 100 متر تحت جبل، محمية بطبقات كثيفة من الصخور والخرسانة المسلحة. كما تتمتع بمنظومة دفاع جوي متطورة تحيط بها، ما يصعّب استهدافها بفعالية.
تشير صحيفة "التلغراف" البريطانية إلى أن "فوردو" هي الهدف الرئيس للهجمات الإسرائيلية، لكونها تضم منشآت تخصيب اليورانيوم بنسبة تصل إلى 60%. وقد صرح السفير الإسرائيلي في واشنطن يحيئيل ليتر بأن العملية الإسرائيلية تهدف إلى تدمير "فوردو" بالكامل، إلا أن هذا الهدف لم يتحقق حتى الآن.
يكمن التحدي الأساسي في أن إسرائيل لا تمتلك ذخائر قادرة على الوصول إلى أعماق المنشأة وإلحاق أضرار جسيمة بها. القنابل التي استخدمتها إسرائيل سابقًا في هجماتها، بما في ذلك القنابل الخارقة للتحصينات، غير كافية لاختراق الطبقات السميكة التي تحمي "فوردو".
أما القنبلة الوحيدة القادرة على تدمير منشأة مثل "فوردو" فهي القنبلة الأميركية "GBU-57A/B"، والتي تعرف باسم "صائدة المخابئ". تزن هذه القنبلة نحو 14 طنًا، ويمكنها اختراق خرسانة مسلحة حتى عمق 61 مترًا، وتمتاز بنظام ملاحة دقيق وصمام اختراق ذكي لضبط توقيت الانفجار داخل المواقع المحصورة.
لكن هذه القنبلة الضخمة لا تمتلكها إسرائيل، بل الولايات المتحدة فقط، حيث تُستخدم عبر قاذفات استراتيجية مثل طراز "بي – 2 سبيريت" الشبحية. ولهذا، لا يمكن لإسرائيل حتى الآن توجيه ضربة مدمرة حقيقية لمنشأة "فوردو".
كما أن منشآت تخصيب أخرى مثل "نطنز" مدفونة أيضًا بعمق يصل إلى حوالي 8 أمتار، ومحمية بخرسانة مسلحة، في حين أن منشأة "نطنز" الجديدة تحت الإنشاء تقع على عمق يزيد عن 100 متر داخل جبل، ما يجعلها كذلك صعبة الاستهداف.
يرى خبراء أن تدمير منشأة "فوردو" يتطلب ضربات متعددة ومتطورة بأكبر القنابل الخارقة للتحصينات، وهو أمر يصعب تحقيقه في ظل غياب المعرفة الدقيقة لتصميم المنشأة وموادها. وبهذا تبقى القدرة الإسرائيلية على وقف تخصيب اليورانيوم عبر تدمير "فوردو" محدودة.
وفقًا لذلك، ترجح التقارير أن إسرائيل إما ستضطر إلى البحث عن حلول تكنولوجية جديدة أو أن تستأنف المفاوضات بشأن الاتفاق النووي مع إيران بمواقف أكثر مرونة من الجانب الإيراني.
بديلًا عن ذلك، قد تدخل الولايات المتحدة مباشرةً على خط المواجهة باستخدام قنابلها الاستراتيجية لتدمير المنشأة.
يبقى السؤال: هل ورطت إسرائيل نفسها في حملة لا جدوى منها ضد إيران، في ظل عدم قدرتها على تدمير المنشآت النووية الأكثر تحصينًا؟ الوقت وحده كفيل بالإجابة على هذا التساؤل.