لا جديد يُذكر، ولا قديم يُعاد، وكما كان متوقعاً، فترة من المراوحة تسود بعد الحراك الرئاسي الذي نشط قبل أسابيع قليلة، الهدف منها انتظار ركود المياه وبلورة مواقف حول التحركات التي حصلت على هذا الصعيد. الهدوء الداخلي يقابله حراك خارجي يشدّد على وجوب إنجاز الاستحقاق الرئاسي في أسرع وقت، ويحذّر من خطورة الوضع في لبنان مع استمرار الشلل والفراغ، وهذا ما كان قد نبّه منه عدد من الدول الأوروبية، في بيان مشترك أمس.
وعلى صعيد الخارج، فإن اجتماع باريس لم يُضف أي إيجابية على الأجواء في بيروت، وفق مصادر سياسية متابعة للشأن، وتقول: ورغم أنّه أكّد أن لبنان ما زال محط متابعة واهتمام الدول الخارجية، لكن عدم الخروج بتوصيات أو مواقف يشي بغياب الاتفاق على مقاربة واحدة بين الدول الخمس التي اجتمعت حول لبنان، ويُشير إلى أن لبنان، رغم وجوده في اللائحة، لكنّه ليس ضمن أولويات المجتمع الدولي.
وإلى ذلك، لم يكن من المنتظر أن يأتي الاجتماع بنتائج على الأرض، بغض النظر عما إذا كان مثمراً أو لا، لأنّه غيّب طرفاً أساسياً عنه، وهو إيران، صاحبة النفوذ الأقوى في لبنان، لأن الحلول لا يُمكن أن تكون من قبل طرف واحد، وهذا ما أكّدته المشهدية اللبنانية، مع غياب قدرة أي فريق على انتخاب رئيسٍ وحده، وفق المصادر.
بعيداً عن السياسة، فإن كارثية الوضع في تركيا وسوريا تزداد سوءاً، مع ارتفاع أعداد ضحايا الزلزال المدمّر يومياً وبشكل مُخيف. وينسحب هذا الأمر على الوضع في لبنان، فالنتائج الدموية في البلدين المذكورين تبعث القلق في صفوف اللبنانيين، مع استمرار حصول الهزّات الأرضية من جهة، وانتشار أخبار مضلّلة وكاذبة هدفها إثارة الخوف في نفوس المواطنين، من جهة أخرى.
في الإطار نفسه، فقد تمت إثارة نقطة جديدة في هذا السياق، وهي السدود وخطرها في حال حصول أي هزّة أرضية قوية، أو زلزال، خصوصاً وأن نتائج انهيار هذه المنشآت تفوق خطراً حصول الهزّة الأرضية نفسها، والسدود في لبنان غير مبنية وفق دراسات موثوقة.
عضو مجلس القيادة في الحزب التقدمي الاشتراكي، ومسؤول الملف الاقتصادي والاجتماعي، محمد بصبوص، أشار إلى أن "ثمّة عدد من السدود في لبنان، الجزء الأكبر منها لا يخزّن المياه كما بات معروفاً لانها مبنية على أسس خاطئة، فيما السدود الأخرى التي بُنيت بطريقة صحيحة قليلة جداً".
وفي حديث لجريدة "الأنباء" الإلكترونية، لفت إلى وجوب أن يكون بناء هذه السدود قد راعى احتمال حصول هزّات أرضية وزلازل، لكنّه في الوقت نفسه يشكّ في ذلك، مبرراً ذلك قائلاً: "أثبت الخبراء أن سد بسري كان يُشيّد على فالق زلزالي، ولا شيء يمنع أن يكون الموضوع نفسه مرتبط بالسدود الأخرى".
وتابع في هذا الإطار: "كما أن السدود الأخرى التي بُنيت، أجريت وفق دراسات غير علمية، والدليل واضح من خلال فشلها في جمع المياه، وبالتالي لا شيء أيضاً يمنع أن تكون الدراسات الجيولوجية المتعلقة بالفوالق الزلزالية غير علمية، وهذا قد يتسبب بكارثة في حال حصول أي كارثة طبيعية"، مؤكّداً عدم الثقة بخطط ودراسات وزارة الطاقة.
في المحصلة، فإن لا ثقة بالخطط الحكومية بشكل عام، وخطط وزارة الطاقة بشكل خاص، والتي أثبتت فشلها على مر السنوات، وبالتالي فإن الخطر ماثل، وتبقى على الدولة مسؤولية اتخاذ الإجراءات لتفادي الكوارث المحتملة.