مأساة حقيقية يعيشها أصحاب المباني الخاضعة للإيجارات القديمة، الذين جاءت الأزمة الاقتصادية الخانقة والارتفاع الجنوني في سعر صرف الدولار ليزيدا من معاناتهم حتى بات بعضهم غير قادر على تأمين أبسط مقومات الحياة.
"هذا الجرح ينزف منذ 40 سنة ولا يزال"، يقول نقيب المالكين باتريك رزق الله، لكن المشكلة تتفاقم على وقع الأزمة وبعض المالكين غير قادرين حتى على شراء دوائهم، وكيف يستطيع هؤلاء الصمود ومدخولهم يبلغ 400 ألف ليرة في السنة؟
فاذا كانت قيمة الإيجار تبلغ 400 ألف ليرة في السنة، هذا يعني أن القيمة هي حوالى 30 ألف ليرة في الشهر، ما يعادل أقل من نصف دولار.
ولكن أين تكمن المشكلة وقانون الايجارات قد صدر؟ يوضح رزق الله، في حديث لموقع mtv، أن "المشكلة تكمن في اللجان القضائية الـ24 برئاسة قاضٍ، والتي تشكلت بموجب قانون الايجارات النافذ منذ العام 2014 وكل بنوده مطبقة ما عدا ما يتعلق باللجان القضائية التي تحدد مَن يستفيد من حساب دعم المستأجرين ومَن لا يستفيد"، مشيراً الى أن "مراسيم انشاء اللجان صدرت في العام 2019 كما مراسيم الحساب، وأخيراً تمّ رصد 25 مليار في الموازنة، وبالتالي فكل الآلية باتت واضحة كما أن قرار وزير المالية بتعيين مسؤولين عن هذا الحساب في وزارة المالية قد صدر في العام 2019. وعليه تقدّم المستأجرون بأكثر من 10 آلاف طلب للاستفادة من هذا الحساب. والمشكلة أن القضاة لا يبتّون بهذه الطلبات لمعرفة مَن يستفيد حقيقة ومَن لا يستفيد".
وفي في ظل هذا التأخير، يلفت رزق الله الى أن "بعض المستأجرين يستفيدون من هذه الثغرة ويقدمون طلب للاستفادة من الصندوق حتى ولو كانوا من غير المستحقين، وذلك للاستفادة من مماطلة القضاة بالبت بهذه الطلبات".
وأمام هذا الواقع، ناشد رزق الله مجلس القضاء الأعلى والقضاة الى تحكيم ضميرهم والبتّ بهذه الطلبات بشكل عاجل، معتبراً أنه لا يمكن للقاضي عدم تطبيق قانون نافذ وإلا تلجأ الناس حينها الى استيفاء الحق بالذات وأخذ الحق باليد.
على صعيد آخر، كان لا بد من السؤال عن واقع الايجارات الجديدة في ظل الأزمة، حيث يوضح رزق الله أن "معظم المالكين والمستأجرين يتفقون رضائياً على طريقة الدفع باللبناني أو بالدولار أو بالاثنين معاً".
وعن قيمة الايجارات التي يجب أن يتقاضاها المالكون، اشار الى أن "الإيجارات يجب أن تكون بنسبة 4 أو 5 في المئة من قيمة المأجور، فإذا كانت قيمة المأجور من شقة او مكتب أو ما عاداه 100 ألف دولار، فيجب ان تكون قيمة الإيجار بين 4000 و5000 دولار في السنة، أي حوالى 400 دولار شهرياً. ولكن في لبنان ونظراً للتخبّط في سعر الدولار أصبح الموضوع مرتبطاً بالعرض والطلب بين المالكين والمستأجرين، حتى أن الآلية غير واضحة وتتغير وفق كل حالة وكل مالك وكل مستأجر، مع الاشارة الى أن قيمة المأجور تختلف بين بيروت والأطراف".
لا شك أن هذا القطاع تأثر ايضاً، خصوصاً أن معظم العائلات لا يزال مدخولها بالليرة اللبنانية وهي عاجزة عن الدفع بالدولار، الأمر الذي سيزيد حكماً من الأعباء على كاهل اللبنانيين اضافة الى النزاعات القضائية بين المالكين والمستأجرين، حيث الحكم بينهما صعب وكلاهما على حق.