في كلّ عام، يتكرّر المشهد ذاته: قاعات تغصّ بالمتخرّجين، دموع في عيون الأمهات، وتصفيق لا ينقطع. لكن هناك لحظة واحدة ينتظرها الجميع، لحظة ترتفع فيها عشرات القبّعات السوداء في الهواء، في مشهد يختصر سنوات التعب، والسهر، والطموح. إنها لحظة الحلم، لحظة التخرّج.
لكن، هل خطر في بالك يوماً أن تسأل: من أول من رمى قبعة التخرّج في الهواء؟ ومن أين بدأ هذا التقليد الذي أصبح رمزاً عالمياً للنجاح والانطلاق؟
الجواب يعود إلى عام 1912، في قلب أكاديمية البحرية الأميركية. حينها، كان المتخرّجون يحصلون مباشرة بعد انتهاء دراستهم على رتبة ضابط، ما يعني أنهم سينتقلون إلى ارتداء الزي العسكري الرسمي، ولن يعودوا بحاجة إلى قبعاتهم الدراسية. وفي لحظة فرح عارمة، رمى المتخرّجون قبعاتهم في السماء، لتبدأ بذلك قصة القبعة الطائرة.
ما كان مجرد فعل عفوي تحوّل مع الوقت إلى تقليد عريق، لا تكتمل أي مراسم تخرج من دونه. وانتقلت العادة من الأكاديمية العسكرية إلى الجامعات، ومنها إلى مدارس العالم، حتى أصبحت رمزاً عالمياً للتتويج والعبور من مرحلة إلى أخرى.
لكن، على الرغم من رمزية هذه اللحظة، بدأت بعض الجامعات – خاصة في بريطانيا – بمنع هذا التقليد، خوفاً من الإصابات التي قد تسبّبها القبّعات عند سقوطها.
فعلى سبيل المثال، جامعة أنغليا روسكين (Anglia Ruskin University) في كامبريدج، طلبت من متخرّجيها الامتناع عن رمي القبعات، بعد تعرض أحد الطلاب لإصابة في الرأس خلال الحفل. ومنذ ذلك الحين، باتت تطلب من الطلاب فقط "تمثيل حركة الرمي"، وتُضيف القبّعات لاحقاً باستخدام الفوتوشوب في الصور التذكارية.
قد تبدو هذه الإجراءات مبالغاً فيها للبعض، لكنها تعكس أيضاً كيف تتغيّر التقاليد وتُعاد صياغتها بما يتماشى مع اعتبارات السلامة والتنظيم.
وهكذا، تبقى قبّعة التخرّج أكثر من مجرد قطعة قماش، بل شهادة طيران قصيرة لمشاعر لا توصف: بين الفخر، والامتنان، وبداية المغامرة القادمة.