"هاتوا مرشحاً يمكن للآخرين أن يقبلوا به. المهم هو انتخاب رئيس لإعادة وضع آلية تكوين السلطة على السكة والبحث في تشكيل حكومة لأن الوضع في لبنان لم يعد يحتمل". بهذه العبارات يمكن اختصار الجولات واللقاءات الديبلوماسية التي تعقد على الساحة السياسية. تتولى السفيرة الفرنسية آن غريو عملية البحث مع الأفرقاء في إمكانية الوصول إلى تفاهم. تتحرك غريو بتفويض من الدول الخمس، كاستكمال لما بدأه الديبلوماسيون الخمسة الأسبوع الفائت. يوم الجمعة التقت غريو برئيس مجلس النواب نبيه بري، حزب الله، وليد جنبلاط، سمير جعجع وجبران باسيل. الأسبوع المقبل ستستكمل لقاءتها مع غالبية القوى السياسية وحتى مع كتل نيابية.
الإتفاق بين اللبنانيين
تتحرك السفيرة الفرنسية تحت عنوان واضح وهو ضرورة الإتفاق بين اللبنانيين على انجاز إنتخاب الرئيس. وهو ما أبلغته لكل الشخصيات التي التقتها. إذ حثت الجميع على ضرورة البحث عن قواسم مشتركة. فيما أكدت لرئيس التيار الوطني الحرّ أنه في ظل رفضه لترشيح سليمان فرنجية وقائد الجيش جوزيف عون فعليه أن يتقدم بطرح شخصية يمكن أن تحظى بموافقة الآخرين. ومع حزب الله، تقول المعلومات إن غريو شددت أيضاً على ضرورة التوافق، وعدم الذهاب باتجاه مرشح قد يعتبره الآخرون مرشح تحدّ أو استفزاز. طبعاً لا فيتو لدى باريس على أي من المرشحين، ولكن السفيرة الفرنسية لا تتحدث باسم فرنسا فقط إنما تحت السقف المشترك الذي اتفق عليه في إجتماع العاصمة الفرنسية بين الدول الخمس.
رفض السعودية
لم يعد خافياً أن الموقف السعودي معارض لسليمان فرنجية، وحتى عندما طرح الإسم سابقاً كان الردّ السعودي مباشراً وحاسماً بأنه في حال اجتمعت إرادة خارجية وداخلية على فرنجية فليذهب هؤلاء إلى مثل هذا الإتفاق ولكن السعودية لن تكون معنية لا سياسياً ولا اقتصادياً ولا على صعيد المساعدات. من هنا تحول الجميع إلى ضرورة البحث عن مرشح يتوافق عليه اللبنانيون، وهو ما أبلغته غريو لحزب الله طالما أن الفيتو السعودي لا يزال قائماً على رئيس تيار المردة، والمسألة لا ترتبط بشخص فرنجية، إنما لأنه يمثل مرشحاً لمحور على حساب الآخر، ولأنه سيمثل غلبة سياسية لطرف على الآخرين. علماً أن فرنجية قال قبل أيام إنه لا ينتمي إلى أي محور وأنه حريص على وحدة البلاد وعلى العلاقات مع الدول العربية.
حزب الله..فرنجيه..والحلفاء
كان حزب الله مستمعاً لطرح غريو، وهو يعتبر أن فرنجية ليس مرشحه وحده بل هناك قوى مؤيدة له من طوائف مختلفة، وبالتالي ليس الحزب هو من رشّح فرنجية ولا بد من انتظار موقفه لأنه لا يمكن للحزب أن يتخذ موقفاً نيابة عن حليفه وهو صاحب القرار بشأن الإستمرار في ترشحه أم لا.
في هذا السياق ستحصل تحركات ديبلوماسية وسياسية محلية باتجاه فرنجية في المرحلة المقبلة أيضاً للتداول معه في هذا الموضوع. وهنا تتضارب وجهات النظر، فإحداها تعتبر أن الرجل وما قاله في الأيام القليلة الماضية هو مؤشر إلى أنه ماض في المعركة، ولن ينسحب. فيما آخرون يعتبرون أن فرنجية سبق وأعلن أنه لن يكون مرشح مواجهة، ولن يتوجه إلى أي جلسة انتخابية إلا ليخرج منها رئيساً ما يعني أنه لا يريد أن يكون في موقع التنافس.
لا لفرض مرشح
ومن التفسيرات التي يتم التداول بها على الساحة اللبنانية، هي أن معادلة أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله حول التهديد بالفوضى ومواجهتها بالحرب، ثمة من يعتبر أن المعادلة تعني تكريس فرنجية مرشحاً في مواجهة الحرب والفوضى. بينما هناك من يشير إلى أن موقف حزب الله أمام السفراء كما أمام غيرهم يشدد على ضرورة الذهاب إلى تسوية واتفاق لأن الوضع لم يعد يحتمل، ولكن الأساس بالنسبة إلى الحزب هو عدم محاولة أي طرف داخلي او خارجي فرض مرشح على الحزب فهذا ما لن يقبل به ولو طالت الأزمة أو توسع اشتدادها.