لبنان

هل يعود شبح الحرب إلى لبنان؟ تحذيرات دولية تنذر بالخطر

هل يعود شبح الحرب إلى لبنان؟ تحذيرات دولية تنذر بالخطر

مع اقتراب موعد الزيارة المرتقبة للموفد الأميركي توم براك إلى بيروت، عاد شبح الحرب ليخيّم مجددًا على الأجواء اللبنانية، وسط تصعيد دبلوماسي لافت وتحذيرات جدّية من انفجار قد يعيد لبنان إلى الواجهة الأمنية.


فقد دقّت ساعة الحقيقة، مع بدء العد العكسي لتسلُّم الولايات المتحدة ردّ لبنان الرسمي على الورقة الأميركية التي تتضمن بنودًا مفصلية تتعلق بثلاثة ملفات حساسة: سلاح "حزب الله"، ترسيم الحدود، والإصلاحات السياسية والاقتصادية. وفي موازاة الترقب، برزت زيارة مفاجئة وغير منسقة للمسؤول السعودي الرفيع يزيد بن فرحان، مساعد وزير الخارجية، حملت في طياتها رسائل إنذار واضحة.

وبحسب مصادر مطّلعة، فإن بن فرحان لم يُخفِ قلقه من تضييع الوقت أو المراوغة اللبنانية في التعامل مع الفرصة المطروحة، مشددًا على أن العرض الأميركي "جدي ولا يحتمل التأجيل"، وهو مرتبط بإغراءات كبرى بينها التمويل، والاستثمار، وإعادة الإعمار، لكن بشروط أبرزها تسليم السلاح غير الشرعي.

وتشير المصادر نفسها إلى أن الرسالة السعودية كانت حاسمة: إما التجاوب... أو مواجهة "وضع صعب" قد يشمل ضوءًا أخضر دوليًا لضربات إسرائيلية في حال تعنّت لبنان. وهي لهجة غير معتادة في الأوساط الدبلوماسية، تعكس حجم القلق من تفلّت الوضع الأمني في المنطقة، لا سيما في ظل التوترات المستمرة على الجبهة الجنوبية.


في المقابل، لم تغب التحفظات اللبنانية الداخلية، حيث تمسّك رئيس مجلس النواب نبيه بري بمطلب الضمانات، محذرًا من مغبّة التنازل من دون التزام واضح بوقف الانتهاكات الإسرائيلية وعمليات الاغتيال. وقال بري بوضوح إن من دون هذه الضمانات "نفلح في البحر"، في إشارة إلى عبثية أي اتفاق لا يُراعي التوازنات.

أما "حزب الله"، فكان له موقف أكثر تشددًا. إذ يعتبر ما طُرح في الورقة الأميركية شروطًا تعجيزية هدفها الإخضاع السياسي والعسكري. الحزب، وإن لم يرفض الحوار بالمطلق، يرفض التنازل دون ضمانات، محذرًا من أن أي رضوخ قد يفتح الباب أمام مطالب إضافية لا تنتهي، ما سيعرّض البيئة اللبنانية إلى مزيد من الاستهداف.

وسط هذه الأجواء المتوترة، عُقد اجتماع لسفراء اللجنة الخماسية (الولايات المتحدة، فرنسا، السعودية، قطر، ومصر) في السفارة الأميركية ببيروت، لتقييم الردود اللبنانية واستباق زيارة باراك. وبحسب دبلوماسيين، فإن غاية الاجتماع كانت "التشديد على أن الوقت ينفد"، وأن التمنّع عن الرد أو التراخي قد يؤدي إلى خيارات سيئة لا يريدها أحد... لكنها واردة.


وبينما تسعى القوى اللبنانية إلى بلورة رد موحّد، يبدو أن الانقسام الداخلي والتباين في مقاربة الملفات الكبرى يعقّدان المشهد. فالتباعد بين من يريد ضمانات متبادلة، ومن يدعو لحصر السلاح فورًا، يضع الكرة في ملعب الداخل اللبناني، في وقت أصبح فيه الضغط الخارجي في أعلى مستوياته.

في المحصلة، لبنان أمام منعطف دقيق: إما التفاهم على أرضية وطنية تحفظ التوازن، أو الدخول في مرحلة جديدة من التوتر قد تتدحرج إلى حرب لا يُعرف مداها.

هل يستفيق الداخل قبل فوات الأوان؟ أم أن الوقت بدأ ينفد بالفعل؟

يقرأون الآن