بدأ "حزب الله" تطبيق خطة تنظيمية شاملة تهدف إلى إعادة هيكلة صفوفه الداخلية، من خلال دمج عدد من وحداته الجهادية والتنفيذية، إلى جانب مؤسسات تتقاطع في طبيعة مهامها، وذلك ضمن مسار إصلاحي يعكس تحوّلاً في مقاربته التنظيمية.
ووفقاً لمصادر مطلعة، فإن هذه الخطوة تأتي استجابة للمتغيرات الراهنة، سواء على المستوى الميداني أو المالي، حيث يسعى الحزب إلى تعزيز فعالية مؤسساته عبر ترشيد النفقات وإعادة توزيع الموارد، في محاولة للتكيّف مع التحديات المتزايدة على أكثر من صعيد.
وكان الحزب قد أوقف منذ سنوات التعاقد مع موظفين جدد، وعمد إلى فرز عدد من عناصره العسكريين نحو أعمال مدنية، بينما طُلب من البعض بعد الحرب الأخيرة البقاء في منازلهم إلى حين تبلور الصورة العامة.
الغاء وحدة “الارتباط والتنسيق”
وتشمل عملية الدمج المرتقبة وحدات مرتبطة بالتجهيز والدعم والإنشاءات المدنية، إضافة إلى الوحدات المالية والوحدات الثقافية، إلى جانب إلغاء وحدة الارتباط والتنسيق التي يرأسها وفيق صفا، حيث ورد أنه سيتولى ملفاً جديداً ليس بعيداً عن عالم العلاقات السياسية والأمنية، وهذا استوجب توزيع اللجان الأمنية التابعة للوحدة المذكورة على المناطق التنظيمية المختلفة. كما سيتم دمج بعض الوحدات العسكرية الجغرافية، وإلغاء أخرى ذات طابع أمني.
كذلك، تشمل الخطوة دمج مؤسسات تربوية وصحية ورعائية، إلى جانب توحيد مؤسسة “جهاد البناء” المعنية بالشأن الزراعي بشكل أساسي وبالعمران كونها مرتبطة بشركات: “معمار”، و”أرش”، و”وعد”، مع ما يتبع ذلك من تغييرات على مستوى إدارة هذه المؤسسات، خصوصاً أن أداءها الخدماتي خلال الحرب كان متواضعاً جداً أو شبه معدوم، وكله بحسب نتيجة التقييمات التي أجرتها لجان مختصة شكلها الحزب بعد الحرب مباشرة.
وتأتي هذه الإجراءات في ظل تحولات مالية وميدانية، من المتوقع أن تؤثر على حجم وهيكلية الحزب خلال المرحلة المقبلة.
لا شك ان هذه الخطوات التنظيمية المتسارعة تزامنت مع ما يُحكى في الكواليس السياسية عن استعداد “حزب الله” لبحث تسوية تدريجية حول المبادرة الأميركية التي قدمها الموفد توم باراك وغادر لبنان اليوم صباحا، والتي تقترح تحوّل الحزب إلى كيان سياسي صرف خلال مراحل زمنية محددة، مقابل ضمانات أميركية أمنية واقتصادية. وفي هذا السياق، تبدو إعادة الهيكلة الحالية كمؤشر داخلي على استعداد محتمل لتكيّف سياسي أكبر، واستجابة دون الإعلان صراحة عن تغيير في جوهر المشروع المقاوم ولو نظرياً، وهو ما يفتح الباب أمام اختبار نيات حقيقي في الأسابيع المقبلة، خصوصا مع ما ذكرته اليوم صحيفة الجريدة الكويتية من عودة قريبة لباراك الى بيروت من اجل العمل على عقد لقاء مباشر بينه وبين رئيس رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب عن حزب الله محمد رعد.