دولي

5 عوامل ساعدت نتنياهو على تجنّب المحاسبة السياسية

5 عوامل ساعدت نتنياهو على تجنّب المحاسبة السياسية

عندما هاجمت حماس إسرائيل في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، مُشعلةً شرارة الحرب في قطاع غزة، بدا أن المسيرة السياسية لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بخطر. بعد مرور ما يقرب من عامين، لا تزال الحرب مستمرة، وقد تولى نتنياهو منصبًا ذا قوة محلية نادرة.

وتستعيد صحيفة "نيويورك تايمز" في تحقيق قالت إنها عملت عليه ستة أشهر ويتضمن العديد من التفاصيل التي لم تُنشر من قبل، القصة وراء الكواليس لكيفية نجاة نتنياهو ثم استعادته مكانته مع استمرار الحرب.

ويأخذ التقرير القراء إلى جناح نتنياهو في المستشفى في تموز 2023 (تموز) ، وإلى منزله في الدقائق التي تلت بدء هجوم 7 تشرين الأول، وإلى مقر الجيش الإسرائيلي في الأيام التي تلت ذلك، وإلى داخل العديد من مفاوضات وقف إطلاق النار ومناقشات مجلس الوزراء الإسرائيلي طوال عامي 2024 و2025.

ومن خلال مقابلات مع أكثر من 110 مسؤولين في إسرائيل والولايات المتحدة وفي جميع أنحاء العالم العربي، بالإضافة إلى مراجعة عشرات السجلات الحكومية والوثائق الأخرى، تخلص إلى أن تصرفات نتنياهو جعلت إسرائيل أكثر عرضة لكارثة 7 أكتوبر، ثم ساعدت في إطالة أمد الحرب التي تلت ذلك وتوسيع نطاقها. وعلى نحو غير متوقع، سمح توسع الحرب لإسرائيل بهزيمة "حزب الله" وإلحاق الهزيمة بإيران. لكن امتدادها في غزة جلب بؤسًا لا هوادة فيه للفلسطينيين، وأدى إلى مقتل رهائن إسرائيليين، وسمح لنتنياهو بتأجيل محاسبته السياسية.

ويورد التقرير خمس نقاط رئيسية من التحقيق:

-تجاهل التحذيرات

بينما كان نتنياهو يتعافى في المستشفى في تموز 2023، قدم له جنرال كبير تقييماً استخباراتيًا مثيرًا للقلق حذر من أن أعداء إسرائيل، بمن فيهم حماس، لاحظوا الاضطرابات الداخلية في البلاد، التي أثارتها خطة نتنياهو المثيرة للانقسام لإضعاف القضاء، وكانوا يعدون لهجوم.

وتجاهل نتنياهو هذا التحذير وغيره ، ومضت حكومته قدمًا في الإصلاح، وأصدرت بعد ساعات قانونًا يحد من سلطة القضاء، مما أثار المزيد من الاضطرابات. بعد يومين، قرر قادة حماس الذين لاحظوا الاضطرابات الداخلية، أن الوقت قد حان للمضي قدمًا في هجوم مخطط له منذ فترة طويلة.

-التهرب من المسؤولية

وحاول نتنياهو التهرب من المسؤولية، محاولاً إلقاء اللوم على مسؤولي الدفاع. فبعد دقائق من بدء الهجوم في تشرين الأول 2023، وفي أسوأ أيامه السياسية، كان نتنياهو يزرع بذور مشروعه الشخصي للبقاء، وقال في إحدى أولى مكالماته الهاتفية في ذلك اليوم: "لا أرى أي شيء في المعلومات الاستخباراتية".

وكان هذا أول تهرب من المسؤولية، وتلميحًا مبكرًا إلى كيفية سعي نتنياهو لإطالة أمد بقائه السياسي بإلقاء اللوم على قادة الأمن والمخابرات لفشلهم في منع الهجوم.

ومع استمرار القتال في جنوب إسرائيل، أخبر فريق نتنياهو الجنرالات أنهم المسؤولون عن أسوأ فشل دفاعي لإسرائيل على الإطلاق. وفي الوقت نفسه، تحرك الفريق لمنع تسريب المحادثات التي قد تُثير مشكلة لنتنياهو، ومنعوا الجيش من تسجيل اجتماعاتهم الرسمية مع رئيس الوزراء، ورتبوا لتفتيش الجنرالات، من فيهم هرتسي هاليفي، رئيس أركان الجيش - بحثًا عن ميكروفونات مخبأة. في وقت لاحق من الحرب، أمر فريق نتنياهو أمناء الأرشيف بتعديل السجلات الرسمية لأقدم مكالماته الهاتفية في 7 تشرين الأول. ثم سربوا وثيقة حساسة لصحيفة أجنبية، متجاوزين بذلك نظام الرقابة العسكرية الإسرائيلية، بهدف تشويه سمعة منتقديه، بمن فيهم عائلات الرهائن المذعورة التي لا تزال في غزة.

-إطالة مفاوضات الهدنة

وفي الساعات الأولى من الحرب، رفض عرضًا من زعيم المعارضة الإسرائيلية لتشكيل حكومة وحدة، مفضلًا البقاء في ائتلاف مع متطرفي اليمين المتطرف الذين كانوا أكثر ميلًا للسماح له بالبقاء في السلطة بعد الحرب. جعله هذا القرار خاضعًا طوال الحرب لمطالب اليمين المتطرف ، وخصوصاً فيما يتعلق بمسألة ما إذا كان ينبغي التوصل إلى هدنة مع حماس ومتى.

عندما بدا أن الزخم نحو وقف إطلاق النار قد تزايد، عزا نتنياهو أهمية مفاجئة إلى أهداف عسكرية بدا سابقًا أقل اهتمامًا بالسعي لتحقيقها، والتي أخبره كبار المسؤولين العسكريين أنها لا تستحق التكلفة، مثل الاستيلاء على مدينة رفح الجنوبية، ثم احتلال الحدود بين غزة ومصر.

-محادثات تطبيع

خلال محادثات مكثفة مع نظرائها الأميركيين في أيار ( مايو) 2024، اتخذت القيادة السعودية خطوة خطرة بالإشارة إلى استعدادها لإقامة علاقات رسمية مع إسرائيل، طالما انتهت حرب غزة، وقدمت الولايات المتحدة تنازلات للرياض وبدأت إسرائيل عملية الاعتراف بالدولة الفلسطينية. قال ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، في اجتماع في وقت متأخر من الليل حول الأجزاء الأميركية السعودية من الصفقة: "دعونا ننهي هذا".

وكانت مقاومة نتنياهو لاتخاذ هذا المسار من بين العديد من القضايا التي أدت إلى توتر العلاقات الأميركية- الإسرائيلية في عهد الرئيس جو بايدن. ومع ارتفاع عدد القتلى في غزة في كانون الأول (ديسمبر) 2023، شعر بايدن بالإحباط الشديد خلال مكالمة مع نتنياهو لدرجة أنه أنهى المحادثة فجأة. ومع توقف محادثات وقف إطلاق النار بعد أشهر، استشهد المسؤولون الأميركيون باستطلاعات رأي تُظهر أن أكثر من 50 بالمئة من الإسرائيليين يؤيدون صفقة الرهائن بدلاً من استمرار الحرب. وأجاب نتنياهو: "ليس 50 بالمئة من ناخبيّ".

-النزاع مع سوريا وايران وحزب الله

في بداية الحرب، تجنب نتنياهو اتخاذ خطوات قد تُوسّع الصراع إلى حرب شاملة مع حزب الله وإيران، الحليفين الرئيسيين لحماس. وألغى هجومًا كبيرًا على حزب الله في الأيام الأولى للحرب وتجنب تصعيدًا لا يمكن السيطرة عليه مع إيران.

ولكن بعد مرور ما يقرب من عام على الحرب، أدت سلسلة من النجاحات الاستخباراتية غير المتوقعة إلى قيام إسرائيل بقتل عدد من كبار قادة حزب الله، الأمر الذي شجعه على توجيه أمر باغتيال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله وغزو معقله في جنوب لبنان، وتدمير جزء كبير من ترسانته.

ثم تمكنت إسرائيل من القضاء على جزء كبير من نظام الدفاع الجوي الإيراني، مما قوض التهديد الإيراني بشكل كبير. ومع عجز إيران وحزب الله عن حماية الرئيس السوري بشار الأسد من تقدم المعارضة، سقط عدو آخر لإسرائيل.

مع ضعف طهران بشكل غير عادي، شرع نتنياهو في هجوم على إيران أصبح أعظم حلقة في حياته السياسية. وقد تم اعتبار لحملة العسكرية في إسرائيل باعتبارها انتصارا، حيث تركت حزب نتنياهو في وضع أقوى في استطلاعات الرأي مقارنة بأي وقت مضى منذ تشرين الأول 2023.

يقرأون الآن