دخل ساتوشي ناكاموتو، المبتكر الغامض لعملة بيتكوين، نادي أغنى أغنياء العالم، محتلًا المرتبة الثانية عشرة بثروة تُقدَّر بنحو 128.9 مليار دولار، وفقًا لبيانات موقع Bitcoin.com وسعر الصرف على منصة Bitstamp.
ورغم هذه القفزة الهائلة في صافي الثروة، تبقى هوية ناكاموتو أحد أكبر ألغاز العصر الرقمي، وفق تقرير financialexpress، إذ لا يزال الرجل – أو ربما المجموعة – الذي أطلق ورقة بيتكوين البيضاء عام 2008، وحرّك أول كتلة من العملة في يناير 2009، مجهول الهوية، يعيش في الظل، بينما يتصدر قائمة الأثرياء.
وفقا للتقديرات، يمتلك ناكاموتو ما يزيد عن مليون بيتكوين (تحديدا نحو 1.096 مليون)، وهي كمية لم تُحرّك منذ نشأتها، ما يعزز الشكوك حول أن مبتكر العملة اختار التواري عن المشهد رغم نفوذه المالي الهائل. وبهذه الحيازة، تجاوز ناكاموتو مؤخرا ثروة الملياردير الأميركي مايكل ديل، مؤسس شركة Dell، والتي قُدّرت بـ124.8 مليار دولار.
على مدار الأعوام، نُسجت عشرات النظريات حول هوية ناكاموتو. طُرحت أسماء بارزة مثل هال فيني، أحد أوائل المطورين الذين عملوا على بيتكوين، وعالم التشفير نيك زابو، وحتى المليارديرين إيلون ماسك وجاك دورسي. غير أن جميع هذه الشخصيات أنكرت علاقتها بالمشروع.
في المقابل، حاول كريغ رايت، عالم الحاسوب الأسترالي المقيم في بريطانيا، لسنوات إقناع العالم بأنه "ساتوشي الحقيقي"، لكن المحكمة العليا في المملكة المتحدة أصدرت في عام 2024 حكمًا يدينه بـ«الادعاء الكاذب»، ومنعته من استخدام هذا الاسم مرة أخرى تحت طائلة السجن، في خطوة أنهت جدلاً قانونيًا واسع النطاق.
اختفاء ناكاموتو بعد تواصله مع بعض المبرمجين حتى ربيع عام 2011 زاد من الغموض. ويُقال إنه كان يظهر على الإنترنت في أوقات تتزامن مع النهار البريطاني، رغم أنه كان يُعرّف نفسه كمقيم في اليابان، ما زاد من تعقيد الروايات حول خلفيته وهويته.
هذا اللغز أصبح مادة دسمة للسينما الوثائقية. فقد تناول فيلم HBO الوثائقي "مالي إليكتريك: لغز البيتكوين" للمخرج كولين هوباك رحلة البحث عن زعيم بيتكوين الحقيقي، وتضمّن مقابلات مع شخصيات مثل بيتر ك. تود، الذي رُشّح بدوره كمخترع العملة، لكنه أنكر ذلك علنا.
في كتابه «السيد ناكاموتو الغامض» (مارس 2025)، وصف الكاتب بنيامين والاس شخصية ناكاموتو بأنها «كيان قد يكون موجودًا أو لا». ويرى والاس أن بيتكوين كانت في بدايتها عام 2008 مجرّد تجربة تقنية داخل مجتمع محدود من المبرمجين، لكنها أصبحت بحلول عام 2022 تاسع أغلى أصل عالمي، متفوقة على شركات مثل «ميتا»، وتأتي مباشرة بعد «تسلا».
وفي سابقة غير معتادة، نُصِب أول تمثال في العالم يجسّد ساتوشي ناكاموتو عام 2021 في حديقة «غرافيسوفت» في بودابست، المجر. يحمل التمثال لمسة فلسفية: لا ملامح محددة لوجهه، فقط سطح عاكس يسمح لكل زائر بأن يرى انعكاس وجهه فيه، كأن التمثال يقول إن «ساتوشي يمكن أن يكون أي شخص».
رغم أن اسمه صار مرادفًا للثروة والعبقرية الرقمية، فإن بقاء ساتوشي ناكاموتو مجهولًا هو ما منح البيتكوين جزءًا من جاذبيتها الثورية: عملة لا مركزية، لا تخضع لسلطة، لا تحمل توقيع فرد بعينه.
يبقى ساتوشي ناكاموتو أغنى شخص في التاريخ الحديث لم يُرَ له وجه، ولم تُسمع له كلمة منذ أكثر من عقد. ومع صعوده على قائمة أغنى أغنياء العالم، يبقى السؤال مفتوحًا: هل يكون هذا الصمت الأبدي هو أعظم اختراع له؟