دولي

لاريجاني يعود من بوابة الأمن القومي... طهران تستعد للسيناريو الأسوأ

لاريجاني يعود من بوابة الأمن القومي... طهران تستعد للسيناريو الأسوأ

دفعت الحرب التي استمرت 12 يوماً بين إسرائيل وإيران، والتي كانت مفاجئة للقوات الدفاعية والعسكرية الإيرانية في ساعاتها الأولى، وأسفرت عن مقتل عدد كبير من القادة العسكريين رفيعي المستوى والعلماء النوويين، كبارَ المسؤولين في الجمهورية الإسلامية إلى اتخاذ قرارات حاسمة بإنشاء هياكل جديدة لتعزيز القدرات الدفاعية والأمنية للبلاد، ولا سيما أن شبح الحرب مع إسرائيل لا يزال ماثلاً.

وحذّر القائد العام للجيش الإيراني اللواء أمير حاتمي، أخيراً، من أنه "إذا كان هناك احتمال بنسبة 1% لهجوم إسرائيلي جديد، فيجب أن تكون جاهزية القوات المسلحة الإيرانية 100%"، وذلك بناءً على أمر من آية الله علي خامنئي، المرشد الأعلى والقائد الأعلى للقوات المسلحة.

تُظهر هذه التصريحات أن الجمهورية الإسلامية تأخذ تهديد الهجوم الإسرائيلي المحتمل على محمل الجدّ، ولا ترغب في أي حال من الأحوال في أن تُفاجأ مرة أخرى. وكانت إحدى المفاجآت البارزة خلال الحرب الهجوم الذي استهدف مقرّ جلسة المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، إذ أشار الرئيس مسعود بزشكيان إلى أن أعضاء المجلس كانوا على بُعد دقائق فقط من الموت.

ويرى بعض الخبراء، في أعقاب الحرب الأخيرة، أن وجود ثغرات ونقاط ضعف في البنية الاستخباراتية الإيرانية لعب دوراً كبيراً في تعريض البلاد للتهديدات الإسرائيلية، وطالبوا بإعادة هيكلة الأجهزة الاستخباراتية والأمنية.

في هذا السياق، تم تداول أنباء منذ أسابيع عن تغيير وشيك في منصب أمين المجلس الأعلى للأمن القومي، حيث يُتوقع أن يحلّ علي لاريجاني، السياسي الإيراني المعتدل، مكان اللواء علي أكبر أحمديان، أحد قادة الحرس الثوري.

ويشغل اللواء أحمديان منصب الأمين منذ عام 2023، وهو مدرج على قوائم العقوبات الأميركية والكندية والأوروبية، ونجا من الهجمات الإسرائيلية الأخيرة التي استهدفت شخصيات عسكرية. أما لاريجاني، فقد تولّى مناصب عدة أبرزها: وزير الثقافة والإرشاد الإسلامي، ورئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون، وأمين المجلس الأعلى للأمن القومي، ورئيس مجلس الشورى الإسلامي، كما مثّل خامنئي في المجلس الأعلى للأمن القومي لسنوات. ويُعرف لاريجاني بمواقفه المعتدلة وصراحته السياسية، وقد مُنع من الترشّح للانتخابات الرئاسية عام 2021 بقرار من مجلس صيانة الدستور، مما حال دون مشاركته في السباق الانتخابي.

وأثارت أنشطته الأخيرة، بما في ذلك زيارته إلى روسيا الشهر الماضي ولقاؤه رئيسها فلاديمير بوتين، تكهنات بشأن احتمال تولّيه منصباً رفيعاً يتجاوز عضويته في مجمع تشخيص مصلحة النظام والمجلس الأعلى للثورة الثقافية، ومنصبه الاستشاري لدى المرشد الأعلى.

ويُتوقع أن يُسهم تعيين لاريجاني (64 عاماً) أميناً للمجلس الأعلى للأمن القومي في تعزيز الديبلوماسية الإيرانية، خصوصاً في مساعي التفاهم مع الولايات المتحدة. ففي الفترة ما بين عامي 2005 و2006، حين كان يشغل هذا المنصب، قاد لاريجاني مفاوضات مع الاتحاد الأوروبي وخافيير سولانا لحل الملف النووي الإيراني، وكان قاب قوسين أو أدنى من التوصل إلى اتفاق، قبل أن يُقيله الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، الذي تبنّى آنذاك نهجاً متشدداً في السياسة الخارجية، وعيّن بدلاً منه سعيد جليلي. وتشير التقديرات الآن إلى أن تعيين لاريجاني قد يُفضي إلى إقالة جليلي من عضوية المجلس.

وعلي لاريجاني هو الشقيق الأكبر لصادق لاريجاني، الرئيس السابق للسلطة القضائية ورئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام حالياً، ولديهما شقيق ثالث هو جواد لاريجاني، المعروف بمواقفه المتشددة ضد الغرب.

ومع تزايد الأنباء غير الرسمية عن تغييرات في المجلس الأعلى للأمن القومي بقرار من رئيس الجمهورية وموافقة قائد الثورة، أصدرت أمانة المجلس بياناً أعلنت فيه تشكيل "مجلس الدفاع في الجمهورية الإسلامية"، استناداً إلى المادة 176 من الدستور الإيراني. ويُعد هذا المجلس ثاني أهم هيئة عسكرية وأمنية بعد المجلس الأعلى للأمن القومي، ويتشكّل تحت إشرافه، ويضم رؤساء السلطات الثلاث، وقادة القوات المسلحة، وبعض الوزراء المعنيين بالشؤون السياسية والأمنية. ويرأسه رئيس الجمهورية، على أن تخضع قراراته لموافقة قائد الثورة، أي خامنئي.

ومن المقرر أن يتولى مجلس الدفاع الإيراني مهمة مراجعة الخطط الدفاعية وتعزيز قدرات القوات المسلحة بطريقة مركزية، ويُطلق عليه البعض اسم "النظام الدفاعي الجديد لإيران". ومن بين أهداف تأسيسه: "تعزيز القدرات الدفاعية بشكل شامل"، و"إشراك قادة عسكريين إضافيين في المجلس إلى جانب رئيس الأركان العامة"، و"الإسراع في اتخاذ القرارات الدفاعية".

ويرجّح عدد من المحللين أن تستمر عملية التغييرات البنيوية والبشرية في أجهزة الدولة خلال الشهرين المقبلين، بهدف تحصين البلاد بمواجهة التهديدات الخارجية، وتعزيز ثقة الرأي العام بقدرة الدولة على حماية السيادة الوطنية.

يقرأون الآن