منوعات

وثيقة قديمة تكشف الحقيقة الصادمة وراء أسطورة تيتانيك

وثيقة قديمة تكشف الحقيقة الصادمة وراء أسطورة تيتانيك

بعد مرور أكثر من قرن على غرق السفينة "آر إم إس تيتانيك"، لا تزال الأساطير تحيط بها، أبرزها الاعتقاد السائد بأنها كانت تُعرف عالميًا بأنها "السفينة غير القابلة للغرق" قبل انطلاق رحلتها الأولى. غير أن وثيقة تاريخية نادرة، كُشف عنها مؤخرًا، قد تعيد صياغة هذه الرواية وتضع الكثير من التصورات تحت المجهر.

في أعقاب الكارثة البحرية التي وقعت في الساعات الأولى من 15 أبريل 1912، حين اصطدمت تيتانيك بجبل جليدي وغرقت خلال أقل من ثلاث ساعات، تبنّى الإعلام وصفها بـ"غير القابلة للغرق"، ليصبح ذلك الوصف جزءًا لا يتجزأ من صورتها الأسطورية. صحيفة نيويورك تايمز، على سبيل المثال، نشرت بعد يوم من الغرق تصريحًا من أحد مديري شركة "وايت ستار لاين" المالكة للسفينة، يؤكد فيه أن تيتانيك كانت "غير قابلة للغرق" حتى بعد وقوع المأساة.

لكن هذا التصور تعرض للطعن لاحقًا من مؤرخين وأكاديميين، مثل ريتشارد هاولز، أستاذ دراسات الاتصال بجامعة ليدز، الذي صرح عام 1999 أن "تيتانيك لم تُروّج أبدًا على أنها غير قابلة للغرق قبل رحلتها الأولى"، معتبرًا أن تلك الصورة تعززت فقط بعد وقوع الحادث، عندما سعت وسائل الإعلام والجمهور لفهم كيف غرقت السفينة "التي لا تغرق".

إلا أن وثيقة تعود إلى عام 1911، يُرجح أنها نُشرت في مجلة "The Shipbuilder" المتخصصة في شؤون الصناعة البحرية، تناقض هذا الادعاء. الوثيقة تشير بشكل صريح إلى أن سفينتي تيتانيك وشقيقتها "أوليمبيك" تم تصميمهما بحيث "لا يمكن غرقهما". وهو ما يُعتبر أول دليل مكتوب يسبق الكارثة ويؤكد أن صفة "غير قابلة للغرق" لم تكن مجرد خيال لاحق، وفقا لصحيفة "ديلي ميل" البريطانية.

وتدعم هذه الرواية تقارير صحفية معاصرة، أبرزها ما نشرته صحيفتا Irish News وBelfast Morning News في يونيو 1911، خلال تغطيتهما لإطلاق هيكل تيتانيك من حوض بناء السفن في بلفاست، حيث وصفت السفينة بأنها "غير قابلة للغرق عمليًا" بسبب تصميمها المتطور الذي شمل أبوابًا إلكترونية مانعة لتسرب المياه ومقصورات عازلة.

المؤرخ جوشوا ألين ميلفورد، المتخصص في تاريخ تيتانيك، أوضح في تصريح لصحيفة ميل أون لاين أن الجمهور آنذاك كان يربط بين سلامة السفن وتقنيات الأمان الحديثة. وأضاف أن حادثًا وقع عام 1911، حين اصطدمت أوليمبيك بسفينة حربية ولم تغرق، قد زاد من ثقة العامة في "حصانة" تيتانيك المرتقبة.

وقال ميلفورد: "حتى شركة هارلاند آند وولف، التي بنت السفينتين، وصفت تصميمها بأنه غير قابل للغرق عمليًا. وهذا المصطلح، وإن بدا حذرًا، فإنه يحمل دلالة تسويقية قوية".

كما تشير شهادات أخرى إلى أن القبطان إدوارد سميث، الذي قاد تيتانيك في رحلتها الأولى والأخيرة، قال في عام 1907: "لا أستطيع أن أتخيل أي ظرف قد يؤدي إلى غرق سفينة. لقد تجاوزنا ذلك في بناء السفن الحديثة".

إزاء هذه المعطيات، يبدو أن وصف تيتانيك بأنها "غير قابلة للغرق" لم يكن نتاج الخيال الشعبي بعد الحادث، بل امتدادًا لتصريحات منشورة وتصورات عامة سابقة للكارثة. وقد تكون هذه الوثيقة المكتشفة دليلاً إضافيًا على مدى الثقة المفرطة التي أحاطت بالسفينة، وأسهمت في جعل غرقها صدمة تجاوزت حدود المنطق والتوقعات في ذلك الزمان.

كيف فقد أكثر من 1500 شخص حياتهم في غرق سفينة تايتانيك؟

في 15 أبريل 1912، شهد المحيط الأطلسي الشمالي واحدة من أعظم الكوارث البحرية في التاريخ، حين غرقت السفينة الفاخرة آر إم إس تايتانيك بعد اصطدامها بجبل جليدي خلال رحلتها الأولى من ساوثهامبتون إلى نيويورك.

كانت على متن تايتانيك أكثر من 2200 راكب وعضو طاقم، تحت قيادة القبطان إدوارد سميث، من بينهم نخبة من أغنى أغنياء العالم آنذاك. من بين الضحايا البارزين، قطب العقارات جون جاكوب أستور الرابع، حفيد مؤسس فندق والدورف أستوريا، والمليونير بنيامين جوجنهايم، وريث إمبراطورية التعدين، بالإضافة إلى إيزيدور شتراوس، الشريك المالك لمتجر ميسي الشهير، وزوجته إيدا التي اختارت البقاء معه حتى النهاية.

كانت تايتانيك في ذلك الوقت أكبر سفينة ركاب في العالم، وقد صُممت بتقنيات حديثة اعتُبرت تجعلها "غير قابلة للغرق". تميزت بتوفير مرافق فاخرة تشمل صالة ألعاب رياضية، مكتبات، حمام سباحة، ومطاعم راقية، بالإضافة إلى كبائن فاخرة من الدرجة الأولى.

إلا أن قوارب النجاة على متنها لم تكن كافية لاستيعاب جميع الركاب، بسبب قواعد السلامة البحرية التي لم تتواكب مع حجم السفينة.

انطلقت تايتانيك في 10 أبريل 1912 من ساوثهامبتون، ثم توقفت في شيربورغ الفرنسية وكوينزتاون الإيرلندية قبل أن تتجه نحو نيويورك.

وفي ليلة 14 أبريل 1912، وبعد أربعة أيام من الرحلة، وقع الاصطدام المأساوي في تمام الساعة 11:40 مساءً بتوقيت السفينة، حين لاحظ الحارس جيمس مودي وجود جبل جليدي أمام السفينة مباشرة خلال دورية ليلية.

وبحلول الساعة 2:20 صباحًا، وبعد ساعات من محاولات الإنقاذ، غاصت تايتانيك في أعماق المحيط، مخلفة وراءها أكثر من 1500 ضحية، من بينهم مودي.

على الرغم من إطلاق نداءات الاستغاثة والصواريخ التحذيرية، لم تصل أول سفينة إنقاذ، سفينة آر إم إس كارباثيا، إلا بعد ساعتين تقريبًا، وتمكنت من إنقاذ أكثر من 700 شخص.

ولم يُكتشف حطام تايتانيك إلا بعد مرور أكثر من سبعة عقود، حين تم العثور على أجزائها المكونة من قطعتين على قاع المحيط عام 1985، في اكتشاف هز العالم وأعاد فتح ملف هذه المأساة الخالدة.

وائل زكير

يقرأون الآن