في بنشعي… متحف يُعيد الحياة لما خَبَت أنفاسه

في حضن الطبيعة شمالًا، وتحديدًا في بلدة بنشعي الوادعة، ينهض متحفٌ غير تقليديّ، يشبه القصص القديمة حين كانت الحيوانات تتكلّم بلغة البشر.

هنا، لا ترى التحنيط كفنٍّ جامد، بل كقصيدةٍ تُكتب بريشة الحياة على جسدٍ غادره النبض، فعاد يشعّ دهشة.

شربل مارون، الرجل الذي أحبّ البراري والبرمائيات والزواحف كما لو كانت أفراد عائلته، قرّر أن يمنح الموت طابعًا آخر. طابعًا يشبه الولادة.

أنشأ متحفًا يضمّ مئات الكائنات: نسور، صقور، ذئاب، طواويس، ثعالب، سلاحف، خفافيش، فراشات، أصداف، بيض نادر. وكلّها تُعرض بعناية لافتة توحي بأنك في حضرة حياة مؤجّلة لا منتهية.

الدهشة تكمن في أن شربل لا يقتل أي حيوان. ينتظر موته الطبيعي، ليُعيد له وهج الوجود من خلال التحنيط، وكأنّه يمنحه فرصة أخيرة ليُروى ويُرى ويُحبّ.

تحوّل هذا المتحف إلى مساحة تربوية وسياحية يقصدها طلاب المدارس، والباحثون، والعائلات، لاكتشاف التنوّع البيئي بطريقة حيّة وملهمة.

يقول شربل مارون بصوته الخافت: أنا لا أُحنّط. أنا أُبقي الجمال حيًّا، ليشهد عليه من يأتي بعدنا.

في زمنٍ تتراجع فيه الطبيعة خلف دخان الإسمنت، يأتي هذا المتحف كنداءٍ هادئ للدهشة، وللرؤية، وللتقدير.

دعوة محبّة نوجّهها من بنشعي إلى وزارة الثقافة وكل المعنيين، لاحتضان هذا المشروع الفريد، وتكريسه كواحةٍ حيّة في ذاكرة الوطن.

يقرأون الآن