دولي

"حرب من الداخل".. إسرائيل تخطط لتهديد النظام الإيراني بتسليح القوميات

في حين لا تزال إيران تعاني من آثار الحرب التي استمرت 12 يوماً، تحتفظ إسرائيل بسلاح خفي في ترسانتها ضد طهران، وهي الأقليات الساخطة التي تسعى أيضاً إلى الإطاحة بالنظام الحاكم منذ العام 1979.

ويكشف محللون ومسؤولون إسرائيليون سابقون أن هناك نقاشات "جدية" في تل أبيب نحو تبنّي استراتيجية "الحرب من الداخل"، من خلال تعزيز الشراكات مع الجماعات الإيرانية داخل البلاد وخارجها.

ويرى عيران لاهف، وهو محلل استخبارات سابق في الجيش الإسرائيلي، أنه في الوقت الذي لم تتحقق فيه الاستجابة للدعوات التي وجّهها رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، للإيرانيين من أجل الانتفاض، فإن المساعدات العسكرية والخدمات اللوجستية "ستمكّن المعارضة من التصرف بشكل حاسم".

وتنقل مجلة "نيوزويك" الأمريكية عن لاهف قوله: "لم ننتهِ من المهمة بعد. لا يزال هناك ما يجب القيام به. أعتقد أنه يمكننا الضغط أكثر وتهديد هذا النظام أكثر"، متوقعاً أن إسرائيل تتجه بالفعل لأن تدرس بعناية كيف يمكنها التصرف استراتيجياً داخل إيران.

خطوط الصدع 

وتُعدّ إيران موطناً لسكان متنوعين يزيد عددهم عن 90 مليون نسمة، يُقدّر أن حوالي 61% منهم من الفرس، ومن بين أكبر الأقليات التي تُشكّل النسبة المتبقية، الأذريون والأكراد والبلوش والعرب الأهوازيون؛ وجميعهم لديهم تاريخ في احتضان الحركات الانفصالية، وإن بدرجات متفاوتة، في أيديولوجياتها ونشاطاتها.

ويتهم الناشطون في هذه المجتمعات النظامَ في كثير من الأحيان بالقمع، في حين حمل آخرون السلاح باسم المزيد من الحكم الذاتي أو حتى الاستقلال.

ومن الفصائل المتمردة الأكثر نشاطًا، المنظمة على أسس عرقية اليوم في إيران، تلك المتجذرة في شمال غرب البلاد، وهي جزء من منطقة كردستان الجغرافية الثقافية التي تضم أيضًا أجزاء من العراق وسوريا وتركيا، وكذلك في الجنوب الشرقي، حيث ترتبط بمنطقة بلوشستان الحدودية التي تضم أيضًا أجزاء من باكستان وأفغانستان.

وقد كثّف زعماء من كلا الشعبين عديمي الجنسية دعواتهم لمعارضة الحكومة الإيرانية، في الوقت الذي نفّذت فيه إسرائيل سلسلة غير مسبوقة من الضربات ضد البلاد على مدى اثني عشر يومًا في الشهر الماضي.

وبينما يقول لاهف إن مثل هذه المجموعات قامت بتدبير بعض "الأعمال البسيطة" وسط الحرب، أكّد أن "هذا ليس كافيًا"، معتبرًا أن على إسرائيل أن تضغط ببعض المساعدة وبعض الدعم من خلال قنوات معينة.

الجبهة الكردية

من بين الحركات العرقية المسلحة في إيران، لطالما كانت الحركات التي يقودها الأكراد، والذين يشكلون حوالي 10% من سكان البلاد، الأكثر تنظيمًا. وللفصائل الكردية تاريخ طويل في استغلال النزاعات، مثل الحرب الإيرانية العراقية، لمضاعفة نشاطها المناهض للحكومة، كما واجهت حملات قمع قاسية.

حتى الآن، لم يتم تأسيس علاقات علنية بين تل أبيب والفصائل الكردية؛ ولكن كما يتضح من التسلل الناجح لإسرائيل إلى إيران في بداية هجماتها الأخيرة وفي العمليات السابقة، فإن رأس حربة الهجوم الإسرائيلي غالبًا ما يكمن في الظل.

وتؤكد ذلك عوفرا بنجيو، الباحثة البارزة في مركز موشيه ديان الإسرائيلي، بقولها إن "أي دعم لمجموعة عرقية، إذا حدث، فإنه سيكون سريًا من أجل سلامة تلك المجموعة ومن أجل مصالح إسرائيل الخاصة".

وقالت: "أعتقد أن المرشح الرئيسي لمثل هذا التعاون قد يكون الأقلية الكردية؛ لأنها الأكثر تنظيمًا، ولأنها خاضت نضالًا طويلًا ضد أي نظام إيراني".

وترى، في المقابل، أن جهود إسرائيل السابقة لتنمية الحركات الأقلوية في الخارج بشكل علني أثبتت أنها "محبطة لكلا الشريكين"، مستشهدة بالتجربة مع جيش جنوب لبنان ذي الأغلبية المسيحية المارونية، والذي أنشأ دولته الخاصة فعليًا بدعم من إسرائيل خلال الحرب الأهلية.

إعادة كتابة قواعد الاشتباك

يرى جوناثان سباير، وهو محلل بريطاني إسرائيلي يرأس منتدى الشرق الأوسط، أن التغيير في الخطاب على المستوى غير الرسمي في إسرائيل كان من المرجح أن يشير إلى تحولات في المد والجزر على أعلى المستويات.

 ويأتي هذا، كما قال سباير، في وقت "أصبح فيه وعي أكبر في إسرائيل الآن بأن المنطقة تغيّرت" بطرق أساسية تسمح بأشكال جديدة من بناء العلاقات في الخارج.

ويضيف سباير أن إسرائيل مطالبة أولًا بإنشاء قناة اتصال قائمة على الثقة، وتحديد احتياجات مجموعات محددة داخل إيران "لزيادة قدرة وإمكانات أي هيئة تتعامل معها"، بما في ذلك في مجالات "الدعاية والمعلومات".

ويتابع: "من الواضح أن الدعم العسكري، وتوفير الأسلحة والقدرات العسكرية والتقنية في تلك المنطقة، سيكون على أعلى مستوى. وهذا ليس مستحيلًا".

يقرأون الآن