تحوّلت دولة الإمارات، وخاصة إمارة دبي، إلى الوجهة المفضلة للآلاف من مديري الشركات البريطانيين، الذين غادروا المملكة المتحدة مؤخراً، عقب إلغاء حكومة كير ستارمر المعاملة الضريبية التفضيلية لغير المقيمين وفرض ضرائب إضافية على الأثرياء.
وتتميز الإمارات بعدم فرضها ضريبة على الدخل الفردي أو أرباح رأس المال، ما جعلها ملاذاً ضريبياً جذاباً للثروات العالمية، متقدمة على وجهات أخرى مثل إسبانيا والولايات المتحدة.
ويشير تحليل لصحيفة «فايننشال تايمز»، إلى أن نسبة كبيرة من المغادرين إلى الإمارات هم من أصحاب الشركات الصغيرة والمتوسطة، إضافة إلى بعض المليارديرات وكبار المستثمرين.
قلق الأوساط الاقتصادية
بحسب بيانات تسجيل الشركات لدى «كومبانيز هاوس»، غادر 3,790 مدير شركة بريطانيا، بين أكتوبر/تشرين الأول ويوليو/تموز، مقارنة بـ 2,712 في الفترة نفسها قبل عام، في زيادة كبيرة، أثارت قلق الأوساط الاقتصادية.
ومن بين الأسماء البارزة التي غادرت، مارك ميكيباس، مؤسس «فوتسي راسل»، وبارت بيشت الرئيس التنفيذي السابق لشركة «ريكيت بنكيسر»، وريكاردو سيلفا المستثمر في نادي «إيه سي ميلان» ومالك نادي «ميامي» لكرة القدم، كما غيّر مُرَوِّج الملاكمة الشهير إيدي هيرن مقر إقامته إلى موناكو، إضافة إلى جون ريس المدير المالي لشركة «أنيوس».
واستقطبت إيطاليا عدداً من المليارديرات، بعد تطبيقها ضريبة ثابتة بقيمة 200 ألف يورو على الدخل الأجنبي، والتي تعفي القادمين الجدد من ضريبة الميراث على الأصول الخارجية.
وشملت الخطوة التي اتخذتها حكومة العمال، إلغاء نظام «غير المقيم» أو «Non-Doms»، الذي كان يسمح للمقيمين الذين يعلنون أن موطنهم الدائم خارج المملكة المتحدة بعدم دفع ضرائب على دخلهم وأصولهم العالمية، كما تم تقليص إعفاء ضريبة الميراث على الشركات، ورفع ضريبة أرباح رأس المال، وزيادة الرسوم على مديري صناديق الاستثمار الخاصة.
ذروة المغادرة في إبريل
بلغ عدد المغادرين ذروته، في إبريل/نيسان 2025، بالتزامن مع دخول تعديلات الـ Non-Doms حيز التنفيذ، حيث سجل الشهر مغادرة 691 مديراً، بزيادة 79% على إبريل 2024 و104% وللشهر نفسه 2023.
ولا توجد بيانات رسمية دقيقة، حول عدد الأثرياء الذين غادروا بريطانيا استجابة لتعديلات حكومة العمال الضريبية، كما أن بعض الاستطلاعات التي أظهرت زيادة كبيرة في عدد المليونيرات المغادرين تعرضت لانتقادات بسبب منهجيتها.
ورغم أن التقديرات الرسمية افترضت ارتفاع معدلات المغادرة، فإن النماذج الحكومية الخاصة بسياسة إلغاء هذا النظام لم تقدم توقعاً معلناً لعدد الأشخاص، الذين قد يتركون المملكة المتحدة.
ويتوقع مكتب مسؤولية الميزانية أن تؤدي التغييرات على نظام «غير المقيم» إلى تحصيل 33.8 مليار جنيه إسترليني، خلال السنوات الخمس المقبلة، لكنه وصف هذا الرقم بأنه «شديد»، نظراً لاعتماده على قرارات فئة صغيرة نسبياً من الأثرياء.
ويشير تحليل الصحيفة إلى أن البيانات المتوفرة تشمل فقط الأشخاص الذين احتفظوا على الأقل بعضوية مجلس إدارة لشركة بريطانية واحدة أثناء تسجيلهم تغيير بلد إقامتهم، من دون معرفة وضعهم الضريبي الفعلي. ومع ذلك، فإن الزيادة الملحوظة في هذا العينة المحدودة تعزز المخاوف من حدوث موجة نزوح واسعة.
في سياق متصل، قال مدير بريطاني آخر في قطاع الاستثمار الخاص غادر إلى إيطاليا: «المملكة المتحدة، لم تعد ترحب بمُنشئي الثروات، كما في السابق، وهناك دول أخرى توفر حوافز أفضل».
وأكدت وزارة الخزانة البريطانية أن البلاد ما زالت «جذابة للغاية»، بينما دعا خبراء إلى فرض «ضريبة خروج» على أرباح رأس المال لمن يغادرون، أسوة بكندا وأستراليا والولايات المتحدة.
أما بعض من غادروا، فبرروا خطوتهم بأن بيئة الاستثمار في المملكة المتحدة أصبحت أقل استقراراً وأكثر مخاطرة، وأن دولاً أخرى، وعلى رأسها الإمارات، تقدم بيئة أكثر جاذبية لحماية وتنمية الثروات.