كيف حصلت بلجيكا على استقلالها عن هولندا؟

مع نهاية الحروب النابليونية وانعقاد مؤتمر فيينا عام 1815، دمجت الأراضي المنخفضة النمساوية ولياج (Liège) رفقة عدد من مناطق بلجيكا الحديثة ولكسمبورغ مع جمهورية هولندا لتشكل مملكة الأراضي المنخفضة المتحدة. وعلى مدار السنوات التالية، شهدت مملكة الأراضي المنخفضة المتحدة العديد من الخلافات والنزاعات بين الشمال والجنوب.

وبعد مضي 15 سنة فقط عن مؤتمر فيينا، عاشت مملكة الأراضي المنخفضة المتحدة على وقع تمرد عرف بالثورة البلجيكية، حيث اتجه أهالي الجنوب لطرد القوات الهولندية من أراضي بلجيكا الحالية ولمبورغ (Limburg) متسببين بذلك في اندلاع نزاع مسلح بالمنطقة.

وفي خضم هذه الثورة البلجيكية، لم يتردد عدد كبير من الجنود البلجيكيين العاملين لصالح جيش مملكة الأراضي المنخفضة المتحدة في التمرد وحمل السلاح للمطالبة باستقلال بلجيكا.

من جهة ثانية، وجدت مملكة الأراضي المنخفضة المتحدة نفسها عاجزة، في البداية، عن كبح التمرد بسبب تواجد عدد كبير من قواتها بالمستعمرات بأقصى شرق آسيا ومشاركتهم بحرب جاوة.

ومع متابعته لتراجع قواته، تخوف الملك الهولندي وليام الأول (William I) من تراجع مكانته وهيبته. وبادئ الأمر، حاول الأخير التفاوض مع البلجيكيين لإيجاد مخرج للأزمة قبل أن يتجه فيما بعد عام 1831 للخيار العسكري حيث جمّع حينها وليام الأول نحو 50 ألف جندي مسلحين ومدربين بشكل جيد على الحدود البلجيكية استعدادا للغزو. من جهتهم، امتلك البلجيكيون، الذين كانوا قد أعلنوا استقلالهم بوقت سابق عام 1830، نحو 24 ألف عسكري فقط إضافة لعدد من قوات الحرس.

ويوم 2 آب (أغسطس) 1831، باشرت قوات مملكة الأراضي المنخفضة المتحدة تدخلها ببلجيكا.

وأمام الجيش الهولندي المنضم والمدجج بالسلاح، مني البلجيكيون بهزائم عديدة واضطروا للتراجع لمشارف بروكسل.

وبهذه المعارك، حاول الهولنديون التقدم بسرعة بعمق بلجيكا للسيطرة على أكبر نسبة ممكنة من أراضيها قبل تدخل حلفاء بروكسل الأوروبيين بالنزاع.

ويوم 8 آب (أغسطس) 1831، حثت الحكومة البلجيكية فرنسا على التدخل لصالحها لمواجهة الهولنديين.

ومع اقتراب القوات الهولندية من العاصمة بروكسل، وافقت فرنسا يوم 12 آب (أغسطس) على التدخل لمساندة بلجيكا حيث أرسل الملك الفرنسي لويس فيليب الأول (Louis Philippe I) المارشال إتيان موريس جيرارد (Étienne Maurice Gérard) على رأس 70 ألف عسكري لطرد الهولنديين.

ولتجنب مواجهة الفرنسيين، فضل الهولنديون الانسحاب من بلجيكا وإنهاء الحصار حول بروكسل. وبحلول تشرين الثاني (نوفمبر) 1831، فرض الفرنسيون حصارا حول أنتويرب (Antwerp)، التي مثلت آخر مواقع الهولنديين ببلجيكا، واستولوا عليها.

بفضل التدخل الفرنسي، حافظت بلجيكا على استقلالها ضمن حرب العشرة أيام التي أسفرت عن مقتل أكثر من 1500 بلجيكي وهولندي.

وبالسنوات التالية، نجحت الأخيرة في زيادة حجم جيشها. وبحلول العام 1839، وافقت هولندا على الاعتراف باستقلال بلجيكا.

يقرأون الآن