في خضم الحرب العالمية الثانية، اتجهت إيطاليا لخوض حملتها العسكرية بشكل منفرد، فأملا في إحياء أمجاد الإمبراطورية الرومانية، فضل الدكتاتور الإيطالي بينيتو موسوليني التوسع بالدول المطلة على البحر الأبيض المتوسط.
وبحلول شهر تشرين الأول (أكتوبر) 1940، باشر الإيطاليون تدخلهم العسكري ضد اليونان التي كانت قد حافظت على حيادها مع بداية النزاع العالمي.
وبهذه الحرب الإيطالية اليونانية، تعرض الإيطاليون لنكسة عسكرية حيث فشلت قواتهم في التغلب على الجيش اليوناني. فضلا عن ذلك، تمكن اليونانيون من انتزاع مناطق بألبانيا التي كانت حينها قابعة تحت الاحتلال الإيطالي.
وأمام هذا الوضع، اتجه الألمان للتدخل عسكريا ضد اليونان لمساندة حلفائهم الإيطاليين قبل بداية العملية العسكرية بالشرق ضد الاتحاد السوفيتي.
ومع اكتمال عملية غزو اليونان، وجه الألمان أنظارهم نحو جزيرة كريت اليونانية الواقعة بعرض البحر الأبيض المتوسط.
فبالنسبة لهم، مثلت هذه الجزيرة موقعا استراتيجيا وحساسا بسبب إمكانية اعتمادها من قبل البريطانيين لتهديد طرق الإمداد الألمانية نحو شمال أفريقيا.
فضلا عن ذلك، آوت جزيرة كريت عددا من القواعد والمطارات العسكرية البريطانية لتشكل بذلك تهديدا مباشرا للمصالح الألمانية بالبحر الأبيض المتوسط.
وبدلا من إجراء إنزال بحري، قدم أدولف هتلر موافقته على فكرة إجراء إنزال جوي والاعتماد على المظليين لغزو جزيرة كريت.
وضمن ما وصف بأول عملية غزو كبيرة اعتمدت على المظليين بالتاريخ، حشد الألمان نحو 22 ألف جندي إضافة لمئات الطائرات المخصصة لنقل الجنود والعتاد.
ويوم 20 أيار (مايو) 1941، انطلقت عملية غزو كريت.
وبخطتهم، اتجه الألمان للسيطرة على المطارات الموجودة بالجزيرة لتأمين وصول بقية القوات والعتاد عبرها.
إلى ذلك، أثبتت الخطة الألمانية لإجراء إنزال جوي العديد من النقائص التي أسفرت عن ارتفاع عدد القتلى الألمان.
فبتلك الفترة، حمل المظليون عند القفز من الطائرة أسلحة خفيفة تراوحت بين الخناجر والمسدسات.
وفي الأثناء، تقوم الطائرات بإلقاء صناديق مجهزة بمظلات تحتوي على الرشاشات والذخيرة والقنابل والقذائف.
وعند نزولهم، كان من المقرر أن يتوجه المظليون صوب هذه الصناديق للحصول على أسلحتهم.
خلال اليوم الأول من العملية العسكرية بجزيرة كريت، شهدت المنطقة هبوب رياح قوية. وبسبب ذلك، نزلت صناديق العتاد بمواقع بعيدة عن تلك التي نزل بها الجنود.
وعلى إثر ذلك، أجبر الجنود على السير لمسافات طويلة للحصول على أسلحتهم. من جهة ثانية، نزل عدد كبير من هذه الصناديق بمناطق تواجد البريطانيين وسكان كريت الذين استغلوا الموقف وباشروا بمهاجمة المظليين الألمان.
وبعدد من أرجاء الجزيرة، استخدم الأهالي السكاكين لمهاجمة الألمان، الذين كانوا غير مسلحين، وقتلهم.
استمرت عملية غزو كريت لحدود يوم 1 حزيران (يونيو) 1941.
وخلالها، تمكن الألمان من السيطرة على الجزيرة بعد تكبدهم خسائر فادحة حيث سقط بهذه المعركة أكثر من 5 آلاف ألماني بين قتيل وجريح.
مع نهاية المعركة، قاد الجنود الألمان عمليات انتقامية ضد سكان الجزيرة. وفي الأثناء، قبعت كريت بقبضة الألمان لحدود العام 1945.