قالت شركة ناشئة في مجال التكنولوجيا الطبية بمدينة سوسة الساحلية في تونس إنها تُحدث نقلة في مستقبل الأطراف الاصطناعية باستخدام أطراف إلكترونية تعمل بتقنيات الذكاء الاصطناعي.
وتصنع شركة "كيور بايونيكس" (Cure Bionics)، التي أسسها محمد ضوافي في أوائل عام 2020، أطرافاً اصطناعية خفيفة الوزن، تتحكم فيها العضلات باستخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد، وأجهزة استشعار إشارات تخطيط كهربية العضل.
وقال ضوافي: "بدأت شركة كيور بايونيكس عندما كنت أدرس في المدرسة الوطنية للمهندسين بسوسة. بدأنا تحدياً للطلاب. كنا نطور منصة لوضع الأجهزة الطبية فيها. إحدى قريبات عضو من فريقنا وُلدت بتشوه خلقي، ووالداها لم يتمكنا من تحمل تكلفة طرف اصطناعي حتى بلغت 20 عاماً، بعد ذلك علمنا أنه لم يكن متوفراً، وكان غالي الثمن، أو حتى غير متاح في المنطقة. لذلك، قررنا خوض هذا التحدي، وتطوير أطراف اصطناعية، وإيجاد حلول لإعادة تأهيل الناس بسعر أقل وتقنية تنافسية".
وصممت الأجهزة لتكون غير جراحية ومتوفرة، خاصة للأطفال من سن الثامنة فما فوق.
وذكر ضوافي أن على عكس الأطراف الاصطناعية التقليدية، التي قد تصل تكلفة بعضها إلى 50 ألف دولار، ويستغرق تصنيعها شهوراً، تكون أطراف "كيور بايونيكس" الاصطناعية للذراع جاهزة في غضون أسبوع مقابل 8 آلاف دولار.
وقال أستاذ طب العناية المركزة في كلية الطب بجامعة تونس أمين الله المسعدي: "هذه الأطراف الاصطناعية توفر، أولاً وقبل كل شيء، مستوى متقدماً من الأداء التقني والتكنولوجي. ثانياً، تكلفتها مقارنة بالمنتجات المستوردة المشابهة من دول أجنبية أقل بنسبة 50%، إن لم تكن أكثر".
ويقوم مهندسون داخل مختبر الشركة بمسح يد ياسين جرسا باستخدام جهاز (مايو فايندر)، الذي يقرأ إشارات تخطيط كهربية العضل في لحظتها. ويتدرب جرسا باستخدام تطبيق (مايو لينك) على الهاتف المحمول، والذي يحاكي التحكم في اليد الاصطناعية بتقنية ثنائية الأبعاد.
ويتميز طرف الشركة الاصطناعي الرائد (هانيبال) بعدة خصائص تهم مبتوري الأطراف.
وأردف ضوافي بالقول: "هذا الطرف الاصطناعي أطلقنا عليه اسم (هانيبال). يد هانيبال هي طرف بايوني. مفصلها قابل للدوران. المقبس قابل للتعديل، ويمكن للمستخدم تشغيله كما يريد. الشاحن مغناطيسي، ولا حاجة لإزالة البطاريات، وهذا أمر مهم جداً لمبتوري الأطراف".
وتابع: "يتم إيقاف الاستخدام بزر الإيقاف (أوف). لدينا هنا حساسات تقرأ إشارات عضلات المستعمِل. ويبدأ المستخدم بتحريك الطرف الاصطناعي للإمساك بأي شيء. عندنا هنا تغييرات في الوضع، هناك عدة أزرار. هذا الزر يعطل الحركة بحيث لا يتحرك الطرف الاصطناعي. وهذا الزر يسمح بتبديل الأوضاع، بين الوضع المساعد والوضع التلقائي. وهنا، لتشغيل الاهتزاز، لدينا تغذية لمسية راجعة، تعطيك إحساساً باللمس، عندما تضغط للأسفل، تعطيك شعوراً بالاهتزاز. وهذا يعطي إحساساً باللمس، أو يعيد جزئياً إحساس اللمس للمستعمِل".
وأضاف أمين الله المسعدي: "وجود شركة محلية تصنع أطرافاً اصطناعية عالية الأداء، ولا تستثني الأطفال هو إنجاز كبير لتونس، وحتى للمرضى في جميع أنحاء إفريقيا. علاوة على ذلك، الأطراف الاصطناعية المنتجة جيدة تماماً من الناحية التقنية والتكنولوجية، مثل تلك المصنوعة في أي مكان آخر في العالم. وتوفر الشركة متابعة عن بُعد لمساعدة المرضى على التكيف بأفضل شكل مع استخدام هذه الأطراف في حياتهم اليومية".
واستثمرت شركة "كيور بايونيكس" نحو 300 ألف دولار منذ تأسيسها في تطوير تقنياتها.
وتمول الشركة الناشئة، حتى الآن، عن طريق استثمارات شخصية من ضوافي، وإعادة استثمار عوائد مبيعات المنتجات، وجوائز مالية من مسابقات خاصة بالابتكارات.
وتسعى الشركة، بشكل نشط، حالياً إلى استقطاب المستثمرين لتوسيع نطاق تأثيرها، وتوصيل أطرافها الاصطناعية الذكية إلى المزيد من الأفراد في إفريقيا وخارجها.
وختم ضوافي بالقول: "بالنسبة للأطراف الاصطناعية، هي مشكلة تمس العالم كله. نحكي عن أكثر من 30 مليون شخص في العالم. وما يصيب أكثر بصدمة هو أن 5% فقط لديهم إمكانية الوصول إلى أطراف اصطناعية وحتى على مستوى العالم. وهذا بسبب أسعارها، وصعوبة تركيبها، وصعوبة الوصول إليها في الأسواق المحلية. ومن هنا، جزء من مهمتنا هو جعلها بسعر معقول، وأكثر إتاحة جغرافياً عن طريق التكنولوجيا التي نطورها".