تتركز حملة "حزب الله" في الفترة الأخيرة، وقبل موعد جلسة الحكومة اللبنانية المخصصة لعرض خطة الجيش لـ"حصرية السلاح"، على الدعوة للتراجع عن القرار الذي اتخذه مجلس الوزراء الشهر الماضي والمتعلق بتكليف الجيش اللبناني وضع خطة لسحب السلاح غير الشرعي قبل نهاية العام الحالي.
وفي محاولة لتصعيد الموقف تجاه رئيس الحكومة نواف سلام ودفعه للتراجع، هدد "حزب الله"، وفق ما نقلته مصادر قناة "المنار"، الذراع الإعلامية للحزب، بوقف التعاون مع عملية نزع السلاح في منطقة جنوب الليطاني إذا استمر سلام متمسكاً بالقرار الحكومي، وهو ما قد يُحرج الحكومة أمام الولايات المتحدة، التي ستضطر لتغطية أي رد إسرائيلي ميداني على هذه الخطوة، ولكن في حال طبق "حزب الله" هذا السيناريو ما هي تداعياته؟
يرى الخبير في الشؤون الأمنية والعسكرية العميد خالد حمادة في حديثه لـ "وردنا" أن لبنان يمر بمرحلة تحوّل، وهذه المرحلة لها نوعين من الحسابات، النوع الأول منها هي "الحسابات الدولية" لجهة إلتزام لبنان بالقرار الدولي، ولجهة المشهد الجديد في الشرق الأوسط الذي نراه سواء في سوريا أو في لبنان وبالتعامل مع أذرع إيران بالمنطقة، لذلك التفكير في المسألة ليس فقط لبناني- لبناني، إنما أميركي- إقليمي ونعيش إحدى تداعياته.
ويؤكد أنه في هذا الإطار "يصبح قرار "حزب الله" لا يعني الأميركيين، في حال اعتبرنا أن هذا التغيير هو تغيير كبير ولا يمكن الوقوف بوجهه بل يمكن التأقلم معه، وحاول "الحزب" نقل المعركة إلى الداخل اللبناني ويدرس محاذير هذه المحاولة".
ويعتبر حمادة أن قرار "حزب الله" وكل ما يقوم به لا يغير من الصورة الجديدة المرسومة في المنطقة، وفي حال وقف "الحزب" بوجه "الجيش" أو "اليونيفيل"، هذا لن يغير القرار الأميركي في المنطقة أو الموقف العربي والدولي بشكل عام من لبنان.
ويلفت حمادة إلى أن الإنكفاء الدولي والخليجي بالتحديد، عن لبنان سببه أن الدولة اللبنانية في نهاية المطاف هي صاحبة القرار دون أي دفع خارجي، وبالتحديد في موضوع "حصر السلاح"، ولا شك أن "الحزب" يحاول نقل المعركة إلى الداخل، وهذه المحالة ستؤدي إلى صدامات حتمية، إنما لن تكون عائقاً أمام ما يجري.
كما يكشف أن هذه المحاولات ستعيد صورة الحرب مع إسرائيل ربما بشكل "أبشع"، وأكثر عنفاً من ما شهدناه خلال العام المنصرم وقبل توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بالتحديد، لذلك المسألة ليست موضوعة في إطار تعاون "الحزب" مع "الجيش" أو مع "اليونيفيل".
الخبير في الشؤون الأمنية والعسكرية العميد خالد حمادة
وتابع: "اليونيفيل" مُدّد لها لمدة سنة، واذا افترضنا أنه تم الاعتداء على "اليونيفيل" بشكل أكبر، سيتم التدخل بشكل فوري لحماية "اليونيفيل" من قبل ربما "القيادة الوسطى الأميركية" أو "التحالف الدولي" ، ففي نهاية المطاف "حزب الله" بالنسبة للأميركيين هو منظمة ارهابية وعلى هذا الأساس لن يتم التفاوض مع منظمة ارهابية".
ويشدد حمادة على أن حضور قائد "القيادة الوسطى الأميركية" مع أورتاغوس يوم الأحد هو بمثابة "إنذار أخير" لحزب الله، وهو ما قاله السيناتور لينديسي من قصر بعبدا خلال زيارته للبنان، لذلك في حال كان هناك صعوبة في مسار "حصر السلاح" أو حدثت مواجهة بين الجيش وحزب الله، فسيتم نزع السلاح غير الشرعي بالقوة واللجوء إلى الـ "plan B”.
ويشير إلى أن "حزب الله" يحصد ما يستطيع تحصيله على المستوى الداخلي، ولا يأبه بما يمكن تحصيله على مستوى السلاح لأنه يدرك تماماً أن هذا السلاح أصبح من الماضي، وهو نفسه قَبِل بألا يكون هناك سلاح شمال وجنوب الليطاني بالتحديد من خلال موافقته على اتفاق وقف اطلاق النار.
ويختم حمادة قائلاً:" السلاح المتبقي للحزب هو لمعادلة داخلية لبنانية لن يكون مقبولاً تمريرها، ولا شك بأنه سيكون هناك مواجهات، وتصعيد اسرائيلي- أميركي حتمي، وبالتالي التعاون بين "الجيش" و"الحزب"، أو بين "الحزب" و"اليونيفيل" يصبح تفصيلاً لا قيمة له في ظل مسار "حصر السلاح"، والحكومة ستصدق على قرار "حصر السلاح" ولن يستطيع أي من الوزراء أن يعترض، سواء انسحب "الثنائي الشيعي" من الحكومة أو لا"، مضيفا انّه "لو تمّت الموافقة على خطة "الجيش" من دون سقف زمني، يمكن ادراجها في اطار الشكليات ربما لتبرير مواقف معينة أمام الرأي العام اللبناني، ولكن الأطراف السياسية تدرك تماماً أن هذه المواجهة بهذه الشروط والمعطيات الموجودة لم تعد جائزة ولم تقدم أي جديد".