احتجت تونس على مقتل أحد مواطنيها برصاص الشرطة الفرنسية، بعد اتهامه بتنفيذ هجوم بسكين في مدينة مرسيليا، في حادثة أثارت غضب التونسيين وأشعلت احتجاجات في مسقط رأسه بمدينة القصرين.
وفي التفاصيل الأولية، دخل الشاب عبد القادر، الذي يعيش في فرنسا بشكل قانوني في شجار مع أشخاص في سوق، بعد طرده من فندق بسبب عدم دفع الإيجار، لتتم مطاردته من طرفهم، ما دفعه إلى طعن عدد منهم بسكين، قبل أن تتدخل الشرطة وتطلق الرصاص عليه، ليلقى حتفه في عين المكان، في واقعة قالت الداخلية الفرنسية إنها "لا تكتسي صبغة إرهابية"، وإنها "عمل فردي معزول مرتبط بخلافات شخصية".
وعلى إثر ذلك، استدعت وزارة الخارجية التونسية، أمس الأربعاء، القائم بأعمال السفارة الفرنسية بالإنابة "لإبلاغه احتجاجا شديد اللهجة على واقعة القتل"، واعتبرت أن هذا القتل "غير مبرّر"، كما دعت فرنسا إلى فتح تحقيق سريع وتحديد المسؤوليات.
وفي محافظة القصرين مسقط رأسه، خرجت عائلة الشاب وأصدقاؤه إلى الشارع، تنديدا بمقتله برصاص الشرطة الفرنسية بدم بارد، وللمطالبة بفتح تحقيق في ملابسات الحادثة ومحاسبة المتورطين.
واعتبرت عائلته أن "ابنها مقيم بطريقة قانونية في فرنسا، ويشتغل في محل قصّاب"، وأنه "تعرض للعنف من قبل مجموعة من الأشخاص، بعد إشكال وقع مع رئيسه في العمل الذي يملك نزلا يقيم فيه الشاب، وبعد طرده من النزل وتعرضه للعنف من قبل مجموعة أشخاص، حاول ''الدفاع عن نفسه''، قبل تدخل الأمن الفرنسي وقتله دون تدرّج في استعمال القوة".
وأظهر مقطع فيديو متداول، الشاب عبد القادر وهو يتشاجر مع مجموعة من الأشخاص في شارع مزدحم بالمارة، وفي يده سكين وقضيب حديدي، قبل أن يهرب منهم وتتم مطاردته.
ولقيت حادثة مقتله تفاعلاً واسعاً من التونسيين، واشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بتعليقات متعاطفة معه ومع عائلته، ومندّدة بقتله بدم بارد، كما أعادت طرح طريقة تعامل الشرطة الفرنسية مع المهاجرين العرب.
في هذا السياق، اعتبر الصحافي والناشط الحقوقي الفاهم بوكدوس، في منشور على صفحته بموقع "فيسبوك"، أن قتل التونسي عبد القادر في مرسيليا "ليس حادثا معزولا بل جريمة دولة مغلّفة بالشرعية، ينضاف إلى سجل طويل من التجاوزات الأمنية ضد المهاجرين".
وأضاف أن هذه الواقعة "تعيد إلى الواجهة الأسئلة القانونية والإنسانية حول شرعية استخدام القوة القاتلة، وتعرّي المنظومة الأمنية الفرنسية من ادعاءاتها حول احترام القانون والكرامة الإنسانية"، معتبرا أن ما حدث لا يمكن فصله عن الذهنية المؤسسية التي تمنح الأجهزة الأمنية رخصة بالقتل حين يتعلق الأمر بأجساد المهاجرين، خاصة أولئك المنحدرين من مستعمرات فرنسا السابقة".
وأشار إلى أن الشاب التونسي لم يكن يحمل سلاحا ناريا، بل يحمل سكينا، متسائلا "لماذا إذا اللجوء للقتل بدلًا من التحييد السلمي؟ لماذا لم يتم القبض عليه سلميا؟ لماذا لم يتم إطلاق النار على الأطراف السفلى مثلا؟"، مضيفا أن "غياب الإجابة عن هذه الأسئلة يحول العملية من رد فعل أمني مشروع إلى إعدام ميداني خارج القانون".
من جهته، كتب الناشط حبيب مزوغي "كان على الشرطة الفرنسية شل حركته بالغاز أولا ثم إطلاق النار على الساقين"، مضيفا أن ما حدث وفق مشاهد الفيديو هو "تنفيذ إعدام ميداني بدم بارد"، أما أسماء درويش فعلقت قائلة "مهما كان ما اقترفه الشاب التونسي عبد القادر، فإن قتله بهذه الطريقة على يد الشرطة الفرنسية هو فعل غير مقبول ومرفوض تماما".