في مذكراتها الجديدة التي تحمل عنوان «107 أيام» تكشف نائبة الرئيس الأمريكي السابقة كامالا هاريس، ما وصفته بـ «الخطأ المتهور»، المتعلق بالسماح للرئيس السابق جو بايدن بالترشح لولاية رئاسية ثانية على الرغم مما كان يعانيه من ظروف صحية، معتبرة أن هذا القرار كان أنانياً، وأن فريق بايدن كان تفكيره صفراً، بينما كانت هي شبه منومة مغناطيسياً.
هاريس ذكرت نصاً في مذكراتها المقرر نشرها قريباً، أن السماح لبايدن وزوجته جيل باتخاذ قرار بمفردهما بشأن ما إذا كان ينبغي له الترشح لإعادة انتخابه، كان تهوراً، معتبرة أن المخاطر كانت عالية للغاية بالنسبة لاتخاذ هذا القرار من دون استشارة الآخرين.
تنويم مغناطيسي
وتقول نائبة بايدن السابقة: «إنه قرار جو وجيل، رددنا جميعاً ذلك، كما لو كنا جميعاً تحت تأثير التنويم المغناطيسي.. هل كان ذلك لطفاً، أم تهوراً؟ أعتقد أنه كان تهوراً، بالنظر إلى الماضي».
وكتبت هاريس: «لم يكن هذا خياراً يُترك لأنانية الفرد وطموحه. كان ينبغي أن يكون أكثر من مجرد قرار شخصي»، وفق مقتطفات من مذكراتها نشرتها مجلة أتلانتيك.
ومن المقرر أن تصدر المذكرات التي توضح بالتفصيل الحملة الرئاسية لهاريس وخسارتها أمام دونالد ترامب، في 23 سبتمبر/أيلول عن دار نشر سايمون آند شوستر.
الشخصية الأضعف
وفي بعض فصول المذكرات تساءلت هاريس أيضاً عما إذا كان ينبغي لها تشجيع بايدن على عدم الترشح لولاية ثانية. وتستطرد قائلة: «من بين جميع الأشخاص في البيت الأبيض، كنتُ الأضعف في إقناع بايدن بالانسحاب.. كان سيعتبر ذلك طموحاً مكشوفاً، وربما خيانةً مُسيئة، حتى لو كانت رسالتي الوحيدة: لا تتركوا الطرف الآخر يفوز».
وفي حين تساءلت هاريس عما إذا كان ينبغي لبايدن أن يترشح لإعادة انتخابه، فقد دافعت عن ذكائه العقلي وقدرته على قيادة الأمة أثناء توليه الرئاسة. وكتبت هاريس: «كان بايدن رجلاً ذكياً يتمتع بخبرة طويلة وقناعة راسخة، وقادراً على أداء واجبات الرئاسة. في أسوأ أيامه، كان أكثر درايةً، وأقدر على الحكم، وأكثر تعاطفاً من دونالد ترامب في أفضل أحواله».
وتضيف هاريس: «لكن في الحادية والثمانين، شعر جو بالتعب. حينها ظهر أثر تقدمه في السن من خلال تعثراته الجسدية واللفظية».
كما فصّلت مذكرات هاريس خلافاتها مع فريق بايدن، قائلةً إنهم غالباً ما عملوا ضدها. وأضافت أن البيت الأبيض كان يمتنع عن الدفاع عنها في وجه الهجمات، وأن الدائرة المقربة من بايدن كانت قلقة من أن يُلقي نجاحها بظلاله عليه.
التفكير صفر
وتكتب هاريس بمرارة واضحة: «كان تفكيرهم صفراً: إذا كانت متألقة، فهو باهت. لم يدرك أحد منهم أنه إذا أحسنتُ، فهو كذلك».
وتوضح هاريس أن جزءاً من المشكلة كان فريق بايدن الذي كان ملتزماً بعدم مساعدتها، لدرجة أنها تقول إن ذلك جاء في النهاية على حسابه وعلى حساب البلاد. وتفصل قائلة: «عندما أشارت استطلاعات الرأي إلى ازدياد شعبيتي، لم يُعجب ذلك المحيطين به.. لم يُدرك أحد منهم أن نجاحي كنائبة له أمراً بالغ الأهمية. سيكون ذلك دليلاً على صواب اختياره لي، وطمأنينة بأنه في حال حدوث أي طارئ، فإن البلاد ستكون في أيدٍ أمينة».
تحول كبير وشخصية وفية
ويعد هذا هو التقييم الذي قدمته هاريس في مذكراتها عن حملتها الانتخابية المختصرة لعام 2024، في تحول كبير عن الموقف الملتزم الذي اتخذته تجاه رئيسها السابق طوال فترة وجودهما في المنصب وحتى الآن.
وتُشير هاريس في أحد الفصول إلى أنها شخصية وفية. وقد أصبح هذا الولاء، الذي بلغ حد الخجل من مواجهة بايدن وسجله، ركيزة أساسية لحملتها الرئاسية، وكان أشدها تدميراً خلال ظهورها في برنامج «ذا فيو» في أكتوبر الماضي، عندما سُئلت: «ما الذي كنتِ ستفعلينه، إن وُجد، بشكل مختلف عن الرئيس بايدن خلال السنوات الأربع الماضية؟».
وعلى الرغم من التحضيرات والحث من كبار مساعديها على الرحيل، قالت: «لا يوجد شيء يخطر ببالي». وظل هذا التعليق يطاردها طوال الأسابيع الأخيرة من حملة دونالد ترامب الانتخابية، حيث استمرت في خسارتها.
أصعب أيام بايدن
كما تتناول هاريس أحد أصعب المواضيع التي واجهتها عندما شرعت في تجميع مذكراتها، والخاص بأثر تقدم بايدن في السن على حياته العامة والخاصة، وتنفي أنه كانت هناك مشكلة خطِرة، لكنها تقول: «لا أعتقد أنه من المفاجئ أن كارثة المناظرة حدثت مباشرةً بعد رحلتين متتاليتين إلى أوروبا ورحلة إلى الساحل الغربي لجمع تبرعات في هوليوود. لا أعتقد أن ذلك كان عجزاً. لو كنتُ أعتقد ذلك، لقلتُه. على الرغم من ولائي للرئيس بايدن، فإنني أكثر ولاء لبلدي».
ترشح رئاسي
وأعلنت هاريس خلال الصيف أنها لن تترشح لمنصب حاكم ولاية كاليفورنيا العام المقبل، كما توقع الكثيرون، لكنها تركت الباب مفتوحاً لترشح رئاسي آخر، على الرغم من أن العديد من الأشخاص المقربين منها إنهم يتوقعون أن وقت ترشحها للمنصب ربما قد انتهى.
في غضون ذلك، فإن كتابها، المقرر إصداره بعد أسبوعين، هو تطور آخر في علاقة مترابطة، لكنها مضطربة في بعض الأحيان مع بايدن، والتي تعود إلى صداقتها مع نجل بايدن الراحل بو، حتى اللحظة التي هاجمت فيها بايدن خلال المناظرة الأولية الأولى في يونيو عام 2019، باعتبارها مخطئة في موقف له يتعلق بنقل الطلاب بالحافلات المدرسية، ثم من خلال الصعود والهبوط في الخدمة معاً في البيت الأبيض.
فريق بايدن عمل ضدها
وكتبت هاريس عن تعرضها للتضييق من قبل بايدن وموظفيه، متهمة إياهم بعدم الدفاع عنها أو تسليط الضوء عليها وحتى «إضافة الوقود إلى الروايات السلبية التي نشأت حولها». وتضيف أنه عندما جرى تكليفها بأن تكون المسؤولة عن قضايا الهجرة ظهر ذلك جلياً.
وتوضح: «عندما أساء الجمهوريون لي ووصفوا دوري باعتباري «قيصر الحدود»، لم يساعدني أحد في فريق الاتصالات في البيت الأبيض على الرد بشكل فعال وشرح المهمة التي تم تكليفي بها حقاً، ولا تسليط الضوء على أي من التقدم الذي أحرزته»، مضيفة: «بدلاً من ذلك، تحملت اللوم على مسألة الحدود، وهي قضية أثبتت أنها مستعصية على الإدارات الديمقراطية والجمهورية على حد سواء».
نتائج كارثية
وتستذكر هاريس واقعة تعود إلى إعلان ترشحها، حيث إنه في يوم 24 يوليو/تموز 2024، وبعد أيام قليلة من اختيارها لخوض الانتخابات، وقف بايدن أخيراً ليلقي خطاباً لمناقشة خروجه، وتتذكر قائلة: «لقد مرت قرابة تسع دقائق من بداية الخطاب الذي استغرق 11 دقيقة، قبل أن يذكر اسمي».
وأنفقت حملة هاريس 1.5 مليار دولار خلال الأسابيع الخمسة عشر التي سبقت يوم الانتخابات. وجابت البلاد، لتحفيز الديمقراطيين، وسعت إلى كسب تأييد المعتدلين والناخبين ذوي الميول المحافظة الساخطين على ترامب. لكن في نهاية المطاف، لم تفز إلا بـ 226 صوتاً انتخابياً، وهو أداء مخيب وأقل بكثير من 306 أصوات حققها بايدن قبل أربع سنوات.