مع دخول أيلول، يبدو الطقس في لبنان خريفياً معتدلاً، لكن التحديات المناخية والمائية تتزايد، خصوصاً مع تراجع الهطولات المطرية في الأشهر الماضية وتفاقم أزمة المياه. وتستدعي هذه الظروف متابعة حركة المنخفضات الجوية والتغيرات المناخية العالمية لتحديد طبيعة الشتاء المقبل وكمية الأمطار والثلوج التي قد تسهم في إعادة تعبئة المياه الجوفية.
يؤكد الأب إيلي خنيصر، المتخصص في الأحوال الجوية، أنّ أيلول يشهد عادة طقساً معتدلاً، مع درجات حرارة مرتفعة على الساحل والجبال، وانخفاض نسبي في البقاع، وهو ما يبقي الطقس ضمن المعدلات العامة لهذا الشهر. لكنه يشير إلى أنّ الأزمة المائية مستمرة وتتفاقم، مشيراً إلى أنّ تراجع الهطولات هذا العام بلغ ما بين ٣٥ و٤٥٪ مقارنة بالمعدلات الطبيعية، ما يفرض أهمية الاستعداد لموسم الشتاء لتعويض الخسائر.
ويحذر خنيصر عبر "وردنا" من الاعتماد على التوقعات المبكرة، مؤكداً أنّ كل الحديث عن شتاء قاسٍ أو تساقط كثيف للثلوج في هذه المرحلة ما هو إلا تحذير عام أو مجرّد توقعات أولية، لا يمكن الجزم بها قبل منتصف تشرين الأول. ويضيف أنّه لمراقبة حركة الأعاصير والمنخفضات الأوروبية وحركة القطب الشمالي تأثير كبير على طبيعة الشتاء، إذ يمكن لهذه المتغيرات تحديد حجم الهطولات والأيام الباردة، لكنها لا تمنح نتائج مؤكدة ١٠٠٪.
ويشير خنيصر إلى أنّه خلال السنة الماضية، كان النشاط البحري قوياً، ما ساعد على تشكّل منخفضات جوية قوية، وبدأت الثلوج بالتساقط في لبنان أواخر تشرين الثاني، لكن المرتفعات الجوية يمكن أن تمنع وصول المنخفضات بشكل كامل، وهو ما يصعب التنبؤ به إلا قبل يوم أو يومين من وقوعه.
وبخصوص الشتاء الحالي، يرى خنيصر أنّ هناك احتمالاً لحدوث رشات مطر عابرة في الفترة المقبلة، مع ارتفاع درجات الحرارة خلال النهار وخريف دافئ، بينما تبقى الليالي باردة، مؤكداً أنّ الشتاء يحتاج إلى تساقط ثلجي أكبر من الأمطار لتعويض الخسائر السابقة، وإعادة ملء الأبار والمخزون المائي، مع توقع أربع إلى خمس تلجات قوية على الأقل تصل إلى مستويات منخفضة لتحقيق هذا الهدف.
ويختم خنيصر حديثه بتوضيح أثر التغير المناخي على لبنان، قائلاً إنّ التغير المناخي العالمي يؤثر على ضغوط الجو وأنظمة الشتاء بشكل عام، ما يؤدي إلى تغير مسار المنخفضات الجوية وأنظمة الكتل الباردة. لكنه يطمئن إلى أنّ هذا لا يعني أنّ لبنان ذاهب نحو التصحر، إذ يستمر الحوض الشرقي للبحر الأبيض المتوسط في تلقي تأثيراته من جنوب أوروبا وشمال أفريقيا، ما يضمن استمرار الدورة المناخية الطبيعية للمنطقة.