دولي آخر تحديث في 
آخر تحديث في 

استطلاعات تكشف.. هكذا خسرت إسرائيل العالم سياسياً وإعلامياً

استطلاعات تكشف.. هكذا خسرت إسرائيل العالم سياسياً وإعلامياً

في جميع أنحاء العالم تقريباً، بما فيه الولايات المتحدة وأوروبا، تسجل إسرائيل حالياً أدنى مستويات التأييد لها على الإطلاق، وفي ظل الحضور الطاغي لوسائل التواصل الاجتماعي، فقد تمكنت من تغزية مليارات الهواتف حول العالم، بمشاهد المجاعة والقتل والدمار والنزوح المستمر، الذي تعيشه غزة، جراء الهجمات الإسرائيلية المتكررة، وهو ما تسبب في تآكل التعاطف العالمي مع إسرائيل؛ بل وحولها إلى دولة شبه منبوذة، حتى بين حلفائها القدامي.

ويقول الخبير الاستراتيجي الأميركي هوارد وولفسون: «لقد خسرت إسرائيل معركة كسب القلوب والعقول. والحقيقة أن الرأي العام يتحول بسرعة كبيرة وبشكل كبير بعيداً عنها».

معارضة الرأي العام الأميركي

وبحسب وول ستريت جورنال، فإن 60% من الأميركيين حالياً يقولون إنهم يرفضون العمل العسكري الإسرائيلي في غزة، فيما يوافق عليه 32 % فقط، بانخفاض عن أكثر من 50 % في الشهر الذي تلا هجوم 7 أكتوبر.

ويؤكد عدد أكبر من الأمريكيين الآن أنهم يتعاطفون مع الفلسطينيين أكثر من تعاطفهم مع إسرائيل في الصراع، وذلك لأول مرة منذ بدء طرح هذا السؤال عام 2001. ويقول نصف الناخبين الجمهوريين أو ذوي الميول الجمهورية الذين تقل أعمارهم عن 50 عاماً الآن إن لديهم آراء سلبية تجاه إسرائيل.

رفض أوروبي واسع

في جميع أنحاء أوروبا، تُسجّل إسرائيل الآن أدنى مستويات التأييد لها على الإطلاق. ويقول ما يقرب من نصف البالغين البريطانيين إن إسرائيل تُعامل الفلسطينيين كما عامل النازيون اليهود في المحرقة، وقد تضاعفت المواقف المعادية للسامية في المملكة المتحدة خلال السنوات الخمس الماضية.

ويُؤدي الصراع الدائر إلى تصاعد معاداة السامية حول العالم، ما يُعقّد حياة ملايين اليهود ويطرح سؤالاً: هل يجب أن تكون حماية اليهود في إسرائيل على حساب تعريض اليهود في أماكن أخرى لتهديدات؟

وعلى الرغم من التظاهرات الحاشدة التي تشهدها إسرائيل على مدار الشهور الماضية رفضاً لمواصلة الحرب في غزة، فإن منظور الحرب داخلها يختلف كثيراً عن ما يراه الرأي العام العالمي، فنادراً ما تعرض القنوات العبرية صوراً لقتلى غزة؛ بل تركز على مأساة الرهائن المستمرة، ونتيجةً لذلك، لا يفهم الكثير من الإسرائيليين سبب الرفض العالمي الشديد لعمليات القتل والدمار المتواصلة، والتي وضعت بلدهم في إطار الدولة المنبوذة.

تداعيات عميقة وممتدة

وعلى الرغم من الضربات العنيفة التي نفذتها إسرائيل في عدة جبهات، يرى العديد من المحللين أن العامين الأخيرين من الحرب قد يُقوّضان أمن إسرائيل على المدى البعيد من خلال تصعيد العداء تجاهها، وإضعاف الدعم من حلفائها، وخاصة الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا.

وكان من اللافت أنه عندما يتجمع الإسرائيليون في تل أبيب للاحتجاج على الحرب المستمرة في غزة، عرض بعض المشاركين صوراً لأطفال فلسطينيين يعانون الجوع، ورهائن إسرائيليين.

ويقول مايكل كوبلو من منتدى السياسة الإسرائيلية في واشنطن: «عندما تتوقف الحرب، لن تعود الأمور إلى ما كانت عليه سابقاً. ستتغير صورة إسرائيل لدى الناس بشكل دائم، وهذا يُخلف آثاراً جسيمة اقتصادياً ودبلوماسياً وعسكريا».

تداعيات الهجوم على قطر

وشكل الهجوم الإسرائيلي على القيادة السياسية لحماس في قطر، أحدث دفعة للرفض العالمي لقرارات حكومة بنيامين نتنياهو المثيرة للجدل، خصوصاً أنه جرى تنفيذ الضربة بينما كان الوفد يناقش المقترح الأمريكي لوقف الحرب في غزة، ما عزز الرأي السائد حول أن إسرائيل غير مهتمة بالتفاوض ووقف الحرب.

حتى حلفاء إسرائيل القدامى انتقدوا الهجوم على الدوحة بشدة، فقد انتقدها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قائلاً إنها «لا يخدم المصالح الأمريكية أو الإسرائيلية»، كما دانت ألمانيا والمملكة المتحدة الضربة، وقالت كندا إنها تعيد تقييم علاقاتها مع إسرائيل. ثم قال الرئيس الأمريكي لاحقاً: «قد ينتصرون في الحرب، لكنهم لا ينتصرون في عالم العلاقات العامة، كما تعلمون، وهذا يُلحق بهم الضرر».

عواقب وخيمة على أميركا

وقد تكون العواقب وخيمة على السياسة الأمريكية أيضاً، حيث يعتقد كوبلو أن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني سيكون القضية الأهم للديمقراطيين في السياسة الخارجية خلال الانتخابات الرئاسية المقبلة، وأن الإدارة الديمقراطية القادمة - متى ما حدث ذلك - قد تُقيّد مبيعات الأسلحة لإسرائيل.

ويتساءل الاستراتيجيون الديمقراطيون عمّا إذا كانت شعبية إسرائيل ستُنهي آمال جوش شابيرو، حاكم ولاية بنسلفانيا اليهودي وداعم إسرائيل منذ زمن طويل، في حال ترشحه عن الحزب الديمقراطي لانتخابات عام ٢٠٢٨.

فرص زهران ممداني

كما عزز هذا صعود زهران ممداني، الاشتراكي البالغ من العمر 33 عاماً والناقد الصريح لإسرائيل، والمرشّح الأوفر حظاً للفوز بانتخابات عمدة نيويورك في نوفمبر. ما سيجعله ذلك أول عمدة مسلم للمدينة التي تضم ثاني أكبر عدد من اليهود في العالم، بعد تل أبيب.

كما انقلبت شخصيات بارزة في حركة «لنجعل أمريكا عظيمة مجدداً» التي يتزعمها ترامب على إسرائيل، بمن فيهم تاكر كارلسون وستيف بانون. ولطالما كانت إسرائيل حساسة تجاه الانطباع السائد عنها في الخارج.

الاعتراف بالدولة الفلسطينية

ويعتزم عدد من الدول الغربية، الصديقة لإسرائيل تقليدياً، بما في ذلك فرنسا والمملكة المتحدة وكندا وأستراليا وبلجيكا، الاعتراف رسمياً بدولة فلسطينية في وقت لاحق الشهر الجاري، وهي خطوة طالما قاومتها، أما ألمانيا، ثاني أكبر مورد للأسلحة لإسرائيل، فقد علّقت بعض صادراتها من الأسلحة.

ومؤخراً، قالت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، المؤيدة لإسرائيل منذ فترة طويلة: «لم نتردد في الدفاع عن إسرائيل، لكن في الوقت نفسه لا يمكننا أن نلتزم الصمت الآن في مواجهة رد فعل تجاوز مبدأ التناسب إلى حد كبير».

التعليم والموسيقى والرياضة

كما أنهت عشرات الجامعات، معظمها في أوروبا، علاقاتها مع الجامعات الإسرائيلية. ويقول رئيس كلية الطب بجامعة تل أبيب إن هناك مقاطعة متزايدة ضد إسرائيل في المجال الطبي، بما في ذلك منع الأطباء الإسرائيليين من التدريب في الخارج.

وبينما استضافت إسرائيل مسابقة الأغنية الأوروبية السنوية «يوروفيجن» في عام ٢٠١٩، فإن اتحاد البث الأوروبي سيجتمع في ديسمبر/كانون الأول، للتصويت على استبعادها من المسابقة، وقد أعلنت أيرلندا أنها لن تُشارك إذا حضرت إسرائيل. ودعا اتحاد مدربي كرة القدم الإيطالي إلى تعليق عضوية إسرائيل في الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا).

"الجيل زد"

وترى الأجيال الأصغر سناً حالياً إسرائيل كبلد احتلال وحشي للأراضي الفلسطينية. في الوقت نفسه، تحوّلت السياسة الإسرائيلية نحو اليمين، وسادت داخلها فكرة الضم الدائم للضفة الغربية.

وفي صراعات سابقة مع حماس، جادل نتنياهو بأن الرأي العام العالمي تجاه إسرائيل يتعافى دائماً بعد انتهاء القتال، لكن هذه الحرب استمرت لفترة أطول بكثير من سابقاتها. ويبدو أن إسرائيليين آخرين قد يئسوا من تبرير مواقفهم، مقتنعين بأن العالم سيظل دائماً متحيزاً ضدهم.

ويشعر العديد من المؤيدين لإسرائيل خارجها بمن فيهم اليهود، بالاستياء من تجاهل الدولة لصورتها. ويقول أحد المراقبين: «إما أنهم لا يفهمون ما يحدث، أو لا يفهمون تداعياته».


يقرأون الآن