أجّل مجلس الاتحاد الأوروبى، الذى يضم وزراء الدول الأعضاء الـ27، اتخاذ قرار حاسم بشأن الهدف المناخي الجديد لعام 2040، وذلك بعد فشل المفاوضات فى التوصل إلى توافق حول مقترح المفوضية الأوروبية بخفض الانبعاثات بنسبة 90% مقارنة بمستويات عام 1990، وكان من المقرر أن يتم التصويت على النص خلال اجتماع وزراء البيئة فى 18 سبتمبر الجاري، إلا أن الخلافات الداخلية بين الحكومات الأوروبية دفعت إلى ترحيل الملف إلى قمة قادة الاتحاد المقررة فى أكتوبر المقبل.
وقدمت المفوضية الأوروبية فى يوليو الماضى مقترحًا يحدد المسار المناخى للقارة لما بعد 2030، فبعد هدف خفض الانبعاثات بنسبة 55% بحلول ذلك العام، ترى بروكسل ضرورة تبني مستوى أعلى من الطموح استعدادًا لتحقيق الحياد الكربونى الكامل بحلول 2050، ويُفترض أن يُعتمد الهدف الجديد رسميًا قبل قمة المناخ COP30 التى ستُعقد فى مدينة بيليم البرازيلية عام 2025، حيث ستعرض أوروبا مساهمتها المحدثة فى إطار اتفاق باريس.
لكن المقترح واجه اعتراضات من عدة عواصم أوروبية. فرنسا، إلى جانب دول وسط وشرق أوروبا مثل بولندا وسلوفاكيا والمجر، قادت الجبهة المعارضة التى رأت أن الوقت غير مناسب لاتخاذ قرار بهذا الحجم فى ظل الظروف الجيوسياسية الراهنة وأزمة الطاقة التى أثرت بقوة على الصناعات الأوروبية.
ووصف وزير البيئة السلوفاكى، توماش تارابا، المشروع بأنه "حكم بالإعدام على الصناعة الوطنية"، معتبرًا أن "البيروقراطيين فى بروكسل فقدوا الصلة بالواقع الاقتصادي"، وبالمثل، أعربت المجر عن رفضها الصريح، فى حين ساندت بولندا أى تأجيل يسمح بمراجعة تأثيرات الخطة على قطاع الفحم الذى ما زال يحتل حيزًا مهمًا من اقتصادها.
من أبرز النقاط المثيرة للجدل فى المفاوضات مسألة اعتمادات الكربون الدولية، وهي آلية تسمح للدول أو الشركات بشراء حقوق انبعاث من خارج الاتحاد الأوروبي لتعويض ما يتجاوز أهدافها الداخلية. المدافعون عن الفكرة يعتبرونها وسيلة مرنة لتقليل التكاليف وتوفير وقت إضافي للقطاعات الملوِّثة كي تتأقلم. لكن معارضيها، وفى مقدمتهم حزب الخضر فى البرلمان الأوروبي ومنظمات المجتمع المدني، يرون أنها "تُضعف مصداقية أوروبا" وتسمح بتحويل مليارات اليوروهات إلى الخارج بدل استثمارها فى مشاريع التحول الأخضر داخل الاتحاد.
ووصفت النائبة الأوروبية لينا شيلينج الاعتماد على هذه الآلية بأنه خيانة للأجيال الشابة بينما حذر تحالف شبكة العمل المناخي أوروبا من أي تسوية تقوم على شراء أرصدة كربونية قد تقوض الطموح المناخي وتؤخر مسار التحول فى الدول الأعضاء.