تستمر مسألة النقاط الخمس المحتلة على الحدود اللبنانية ـ الإسرائيلية في إثارة تساؤلات واسعة في الأوساط السياسية والشعبية. إلّا أن السؤال الأساسي: لماذا لا يتجه حزب الله إلى حسم هذا الملف عسكريا؟ وما الذي يمنعه من فرض معادلة جديدة على الأرض؟
يرى الصحافي مروان الأمين في حديث لـ"وردنا" أن الحرب الأخيرة شكّلت صك استسلام بالنسبة لحزب الله، حيث أصيب بهزيمة كبيرة ما زالت تداعياتها ماثلة حتى الآن. ويشير الأمين إلى أنّ "الأيام الحالية تذكّر بتلك الهزيمة التي تكثّفت أحداثها خلال عشرة أيام من العام الفائت، بدءا من عملية البيجرز وصولاً إلى اغتيال السيد حسن نصرالله".
ويؤكد أن "حزب الله، من خلال صك الاستسلام، وافق على أن تحتل إسرائيل النقاط الخمسة وأن تستمر في تنفيذ الاغتيالات وضرب بنيته التحتية المدنية والعسكرية". وبناءً على ذلك، يعتبر الأمين أنّ "التنظيم العسكري لحزب الله قد تم القضاء عليه، ولم يعد فعّالا في مواجهة إسرائيل".
ويضيف: "السلاح المتبقي لدى الحزب لم يعد يقدم أو يؤخر في أي مواجهة، بل بات موجهاً لخدمة الحزب في الداخل اللبناني"، وهو برأيه "عنوان للنفوذ الإيراني على الطائفة الشيعية؛ ومع انتهاء هذا السلاح، تسقط الهيمنة المرتبطة به".
ويرى الأمين أن "الحزب أصبح خارج أي فعالية عسكرية في المعركة مع إسرائيل، وأنه يحاول التستر على عجزه عبر رمي المسؤولية على الدولة اللبنانية، في محاولة للتنصل من تبعات الحرب التي جلبت الكارثة للبلاد، وتوجيه غضب الطائفة نحو الدولة". ويختم بالقول: "لو كان لدى الحزب القدرة على مواجهة إسرائيل، لما أوقف الحرب أولاً، وما كان سأل لا عن دولة ولا عن قانون ولا عن أي اتفاق دولي".
من جهته، يقدّم الصحافي محمد علوش مقاربة مختلفة، معتبراً أن عدة عوامل تدخل في حسابات المقاومة. فـ"سقوط النظام في سوريا غيّر المعادلة بشكل كبير، ليس كنتيجة مباشرة للحرب الأخيرة فقط، بل بسبب سقوط العمق الاستراتيجي للمقاومة".
ويطرح علوش السؤال: "هل هناك مصلحة استراتيجية عليا بتحريك الجبهة الجنوبية في ظل الظروف الحالية؟" ويجيب أن الحسابات المرتبطة بالهدف والمصلحة والنتيجة غير مؤاتية. لذلك، فإن "المقاومة بعد الحرب بحاجة إلى وقت لترميم نفسها، والمقاومة وحدها من يقرر المدّة الزمنية التي تحتاجها، لكن من المؤكد أنها بحاجة إلى فترة خالية من أي عمل عسكري".
ويشير علوش إلى أن البيئة الشعبية تشكل عاملاً أساسياً في القرار، فـ"فتح الجبهة يعني فتح الحرب من جديد، والسؤال: هل هذه البيئة جاهزة؟ هل من خطط واضحة للنزوح واللجوء؟" وهنا يوضح أن "حزب الله حاول وضع خطط بهذا الاتجاه، لكنه اصطدم بواقع جديد في عدد من المناطق اللبنانية الرافضة لاستقبال النازحين في أي معركة مقبلة".
إلى جانب ذلك، يلفت علوش إلى أن "قرار المقاومة بإعطاء فرصة للدولة اللبنانية لتحرير النقاط المحتلة ووقف الاعتداءات يعبّر عن رغبة في تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار، مع التأكيد في الوقت نفسه أن المقاومة كانت دائماً تملئ الفراغ الذي تتركه الدولة ولم تحتكر دورها".