ذكر رئيس مجلس الشّورى الإيراني محمد باقر قاليباف، أنّه "قبل إصدار أي حكم بشأن عمليّة 7 تشرين الأوّل 2023 (طوفان الأقصى)، علينا النّظر إلى جذور القضيّة. فالشّعب الفلسطيني أمّة مغتصَبة الأرض، ومقاومته حركة تَحرّر تحمل ثقافةً إسلاميّة وقرآنيّة"، مبيّنًا أنّ "أحيانًا تُقدَّم هذه المجموعات في الرّأي العام العالمي على أنّها تنظيمات إرهابيّة، بينما الحقيقة أنّهم يقاتلون من أجل تحرير وطنهم".
وأوضح في حديث صحافي، بحسب ما نقلت عنه وكالة "تسنيم"، أنّ "في استراتيجيّة 7 تشرين الأوّل لم يكن هناك خطأ، وشرعيّة المقاومة وحقانيّتها قائمة دائمًا. لكن هذا القرار اتخذته حركة "حماس" بالكامل، وإيران و"حزب الله" لبنان لم يكونا على اطّلاع على تفاصيل العمليّة، وهو ما أعلنه مرارًا كلّ من قائد الثّورة الإسلاميّة والأمين العام السّابق للحزب السيّد حسن نصرالله".
وركّز قاليباف على أنّه "رغم ادّعاء الكيان الصّهيوني امتلاك اليد العليا استخباريًّا، وقدرته على إحباط أي تحرّك قبل وقوعه، إلّا أنّ "حماس" نجحت في تنفيذ عمليّة واسعة النّطاق من دون علم هذا الكيان، وهو ما يثبت قوّة المقاومة وفشل إسرائيل".
ورفض "المزاعم الّتي تقول إنّ عمليّة 7 تشرين الأوّل 2023 كانت بتخطيط إسرائيلي. فلو كانت العمليّة مسرحيّةً من صُنع إسرائيل، لتمكّن الاحتلال خلال أشهر قليلة من القضاء على "حماس" وتحرير الأسرى. لكن بعد مرور عامين ما زال عاجزًا، ما يبرهن بطلان هذه الادّعاءات".
كما شدّد على أنّ "قوّتنا مستمدَّة من المنطق القائم على القرآن والثّقافة الإسلاميّة- الإيرانيّة، في حين أنّ منطق الولايات المتحدة الأميركية والكيان الصّهيوني يقوم على القوّة والهيمنة. وبفضل هذا المنطق المتين، نقف بوجه أطماعهم".
وأكّد قاليباف أنّ "طهران لا تتدخّل في قرارات "حزب الله" و"حماس"، فهما يتخذان قراراتهما على ضوء الظّروف السّياسيّة والعملياتيّة الخاصّة بهما، فيما تقدّم إيران دعمًا لقراراتهما في إطار الدّفاع عن الأرض والقضايا الإسلاميّة". ولفت تعليقًا على زيارته الأخيرة إلى لبنان، إلى "أنّه وَجد "حزب الله" أَكثَر حيويّةً وتصميمًا من قبل".
واعتبر أنّ "استمرار وجود ممثّلين أميركيّين في لبنان ومحاولاتهم تجريد "حزب الله" من السّلاح، دليل على أنّه لو كان الحزب مهزومًا لما سعى العدو لهذه الخطوات، وذلك دليل على قوّة المقاومة وتأثيرها"، مضيفًا أنّ "حزب الله اليوم أقوى وأثبت تماسكًا على المستويات المادّيّة والمعنويّة والإيمانيّة والقدرات العملياتيّة. والكيان الصّهيوني رغم كلّ قوّته الجوّيّة والمسيّرة والقوّات البرّيّة، شنّ هجمات بعد اغتيال نصرالله، لكنّه لم يتمكّن من تحقيق تقدّم ميداني".
وركّز على "لزوم المواجهة القاطعة مع الكيان الصّهيوني، فإظهار الرّحمة له يعني ظلمًا للبشريّة"، منوّهًا إلى "أنّه لو كان في مكان "حزب الله"، لقاتل حتى عمق 100 إلى 200 كيلومتر ضدّ هذا الكيان".
وذكر قاليباف أنّ "طهران كانت تتوقّع هجومًا إسرائيليًّا عليها، لكنّها فُوجئت بطريقة تنفيذه، فقد استهدف العدو راداراتنا، واستشهد عدد من القادة الكبار، من بينهم رئيس الأركان العامّة، قائد مقر خاتم، قائد القوّة الجوّيّة الفضائيّة، وقائد القوّات الصّاروخيّة؛ وهو أمر اعتبره ضعفًا يجب التحقيق فيه"، مبيّنًا أنّ "صواريخ إيران أُطلقت في اللّيلة ذاتها، وأنّ العدو في نهاية المطاف طلب وقف القتال".
إلى ذلك، أشار إلى أنّ "حضوره إلى لبنان خلال الحرب كان ضروريًّا قبل سفره إلى طاجيكستان، وأنّ قراره كان شخصيًّا بعد مشاورات وموافقة قائد الثّورة، الّذي أكّد ضرورة مراعاة الاعتبارات الأمنيّة"، موضحًا أنّ "دعم إيران لفصائل المقاومة يأتي في إطار حماية الأمن القومي، ومنع تمدّد الكيان الصّهيوني حتى حدود إيران".
وشرح أنّ "مساندة إيران لحركات المقاومة مثل "حماس" و"الجهاد الإسلامي" و"حزب الله"، تمثّل دفاعًا عن الأمن القومي والمصالح الوطنيّة". وبيّن أنّه "بعد عمليّة "الوعد الصادق 3"، يدرك العدو أنّه إذا لم نثبت أقدامنا في الجولان، فسيتقدّم حتى جلولا في كردستان العراق، على بُعد 30 كيلومترًا فقط من حدود إيران".
وتابع رئيس مجلس الشّورى: "إنّ الاحتلال الإسرائيلي، بعد حادثة "البيجر" واغتيال نصرالله، حاول الترويج لفكرة أنّ أحدًا لا يجرؤ على دخول لبنان، لكن الشّعب اللّبناني كان يتوقّع أن يقف مسؤول ما بجانبه في أيّام المحنة"، لافتًا إلى أنّ "هذه الحرب، شأنها شأن الدّفاع المقدّس، حرب شعبيّة قائمة على القيم والمبادئ الإلهيّة، وهي معركة بين الحق والباطل".
وكشف "أنّه خلال زيارته إلى لبنان، التقى المقاتلين في الخطوط الأماميّة، واطّلع على التقارير الميدانيّة، وقدّم المشورة بشأن التطوّرات الأخيرة". وأفاد بأنّ "تأخّر تنفيذ عمليّة "الوعد الصّادق 2"، ارتبط بعوامل تقنيّة وتكتيكيّة. فالعجلة في التنفيذ قبل معالجة نقاط الضّعف، كان سيؤدّي إلى تكرار الأخطاء. كما عملت إيران على منع تكرار المشاكل الّتي ظهرت سابقًا في بعض الصّواريخ مثلما حدث مع البيجر".