تكنولوجيا آخر تحديث في 
آخر تحديث في 

ثورة تكنولوجية تقول للألماس الطبيعي: وداعاً

ثورة تكنولوجية تقول للألماس الطبيعي: وداعاً

كانت صناعة الألماس الطبيعي تعتمد على معادلة بسيطة وهي الندرة، والوقت الطويل لتكوّن الحجر في جوف الأرض، لكن هذه المعادلة انقلبت رأساً على عقب بفضل العبقرية الهندسية الصينية والإنتاج الكمي للألماس المزروع في المعامل، بينما يحتاج الألماس الطبيعي إلى مليارات السنين ليتشكل، تستطيع المعامل الصينية المتطورة ضخ ما يُقدر بملايين القراريط سنوياً، ما يهدد مكانة الألماس الطبيعي ويعيد تشكيل السوق العالمي للأبد.

ثورة الإنتاج الصيني

تتصدر الصين، خصوصاً مقاطعة خنان، الإنتاج العالمي للألماس المزروع باستخدام تقنية الضغط العالي ودرجة الحرارة العالية (HPHT)، والتي تتيح لها إنتاج كميات هائلة من الأحجار الصغيرة والمتوسطة بتكلفة منخفضة بشكل لا يصدق.

تبلغ تكلفة إنتاج الألماس في الصين أقل بنسبة 20% إلى 40% من نظيرتها في الدول الغربية، بفضل وفورات الحجم والخبرة التكنولوجية في تقنية HPHT، وهذا ما يعزز قدرتها على إغراق الأسواق الدولية بأسعار تنافسية.

ولم يعد الألماس الصناعي مجرد بديل صناعي رخيص، فلقد نجحت تقنيات مثل ترسيب البخار الكيميائي (CVD) في إنتاج أحجار كبيرة وعديمة اللون (بجودة D, E, F) لا يمكن تمييزها عن الطبيعية إلا باستخدام أجهزة متطورة، بل إن العلماء الصينيين أعلنوا مؤخراً عن تطوير ألماس صناعي أكثر صلابة بنسبة 40% من الألماس الطبيعي، وإن كان مخصصاً حالياً للتطبيقات الصناعية والعسكرية.

التهديد الاقتصادي

إن التدفق الهائل للألماس الصيني المصنع يمثل نقطة انعطاف حقيقية للصناعة التقليدية، حيث بدأت الأسعار تتراجع بشكل حاد، وتغيرت معايير التسعير العالمية: حيث تسببت الوفرة في الألماس المزروع في خفض أسعار الأحجار الطبيعية بما يتجاوز توقعات شركات التعدين.

المستهلكون، خصوصاً من جيل الألفية والجيل Z، ينجذبون إلى الألماس الصناعي لأنه يقدم الخصائص الفيزيائية والكيميائية نفسها للألماس الطبيعي، ولكنه أقل سعراً بنسبة 30% إلى 50%.

أزمة عمالقة التعدين

عمالقة الصناعة، مثل شركة دي بيرز (De Beers) التي احتكرت السوق لعقود، اضطروا إلى تغيير استراتيجيتهم جذرياً، فبعد أن كانوا يسعون لقمع الألماس الصناعي، أطلقوا علامات تجارية خاصة بهم (مثل Lightbox) لبيع الألماس المزروع، في محاولة لتقسيم السوق والحفاظ على مكانة الألماس الطبيعي كـ«أصل فاخر نادر» والألماس الصناعي كـ«موضة يومية بأسعار معقولة».

إن الوعد بأن الألماس «يدوم للأبد» كان يرتكز على ندرته الطبيعية.

اليوم، ومع القدرة على إنتاج 20 مليون ألماسة في أسبوع واحد، يرى بعض الخبراء أن الألماس الصناعي يُفقِد الألماس الطبيعي جزءاً من قيمته المتأصلة كـ«استثمار»، ويحوله إلى مجرد «موضة سريعة».

المخاوف الأخلاقية والبيئية

يروج الألماس الصناعي لنفسه كبديل «خالٍ من النزاعات» و«أكثر استدامة بيئياً»، وهو ما يلقى صدى لدى المستهلك الواعي.

هذا يضع ضغطاً هائلاً على شركات التعدين لإثبات شفافية سلاسل إمدادها والتزامها بالمسؤولية البيئية، لكن الخطر الأكبر على سمعة الصناعة هو الغش؛ حيث يتم إدخال الألماس المصنع إلى السوق على أنه طبيعي، ما يتطلب تقنيات فحص متطورة جداً من قبل مختبرات مثل GIA لضمان تصنيف مصدر كل حجر بدقة.

في النهاية يبدو أن مستقبل تجارة الألماس سيتشكل في كل من المختبرات التكنولوجية في الصين، وفي المناجم التقليدية حول العالم.

السؤال لم يعد حول ما إذا كان الألماس الصناعي سيحل محل الطبيعي، بل حول كيفية تعايش السوقين معاً في ظل هيمنة الصين على خطوط الإنتاج السريع الرخيص.

يقرأون الآن