صحة

منطقة من الدهون تسبب شيخوخة الدماغ أسرع من غيرها

منطقة من الدهون تسبب شيخوخة الدماغ أسرع من غيرها

يعرف الكثيرون منذ فترة أن السمنة تؤثر على الدماغ، إلا أن العلماء وجدوا أن الأهم من ذلك هو مكان وجودها.

وتُعتبر الدهون الحشوية العميقة المحيطة بالأعضاء -خاصة بمنطقة البطن والمعروفة بالكرش- هي التي تؤثر بشكل كبير على شيخوخة الدماغ، حيث تؤثر على مناطق التفكير والذاكرة، وفقًا لما نشره موقع "نيو أطلس" New Atlas نقلًا عن دورية Nature Mental Health.

تغيير في بنية الدماغ

استخدم باحثون من "جامعة هونغ كونغ" تحليلا ضخما لمجموعة بيانات البنك الحيوي البريطاني لتحديد أن توزيع الدهون، وليس فقط الحجم الكلي، يُشير إلى تغيرات واضحة في بنية الدماغ وترابطه. وتعتبر الدهون الحشوية أقوى مؤشر خطر، إذ ترتبط بضعف التفكير والذاكرة. وتضيف هذه النتائج المزيد من الأدلة على ضرورة التخلص من مؤشر كتلة الجسم BMI، الذي يُقيم الوزن والطول فقط، كمؤشر دقيق لصحة الدماغ (والصحة بشكل عام).

وجمع فريق العلماء قياسات الدهون في مناطق الجسم المختلفة، من خلال فحوصات امتصاص الأشعة السينية ثنائية الطاقة DXA، ومجموعة من فحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي التي تغطي البنية، ونشاط الشبكة (التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي في حالة الراحة) وأسلاك المادة البيضاء (الانتشار)، من البنك الحيوي البريطاني. وحلل العلماء بيانات 23,088 شخصا خضعوا لفحوصات DXA لدهون الذراعين والساقين والجذع، بالإضافة إلى مجموعة فرعية أصغر من 18,886 مشاركا خضعوا أيضا لقياسات الدهون الحشوية. وخضع الجميع في كلتا المجموعتين لفحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي الثلاثة، وأستُخدمت تلك الفحوصات للربط مع مقاييس الدهون.

خرائط مواقع الدهون

واكتشف الباحثون أن خرائط مواقع الدهون ترتبط بتغيرات دماغية مختلفة. وارتبطت زيادة الدهون في الذراعين والساقين والجذع بقشرة أرق في الوضع الافتراضي وشبكات الدماغ الحوفية، وهي أنظمة تدعم الذاكرة والتركيز الداخلي والتنظيم العاطفي، مما يشير إلى ضعف التذكر والتحكم في الحالة المزاجية.

وأظهرت الدهون الحشوية (البطنية العميقة المعروفة بالكرش) ضغوطا إضافية، مرتبطة بانكماش في القشرة الجبهية الأمامية الإنسية، التي تدعم التخطيط والحكم والتحكم في الانفعالات، وفي هياكل تحت قشرية أصغر تشارك في تعلم العادات والحركة.

وبعيدا عن التشريح، عندما نظر الباحثون في كيفية تنسيق مناطق الدماغ بشكل طبيعي مع مرور الوقت، أظهر الأشخاص الذين لديهم دهون أكثر، وبشكل أوضح أولئك الذين لديهم مستويات أعلى من الدهون الحشوية، تأثرا فيما يخص الحركة واللمس، والمزاج والدافع، والذاكرة وشرود الذهن، واليقظة وردود الفعل.

وفي توصيلات المادة البيضاء في الدماغ، برزت الدهون الحشوية مرة أخرى، حيث كشفت فحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي الانتشاري عن انخفاض كثافة المحاور العصبية وزيادة اختلال تنظيم الأنسجة، وهي مناطق صغيرة من التآكل والتلف يُمكن أن تعيق الإشارات.

وخلص الباحثون إلى أن توزيع الدهون في الجسم له تأثيرات متفاوتة على شيخوخة الدماغ والإدراك، بشكل مستقل تماما عن مؤشر كتلة الجسم. ويبدو أن الدهون الحشوية تلعب دورا أكثر أهمية في التغيرات العصبية الإدراكية.

الدهون الحشوية

وتختلف الدهون الحشوية عن الدهون تحت الجلد، وهي طبقة من الدهون "اللينة" تحت الجلد تشكل حوالي 90% من الأنسجة الدهنية. أما الدهون الحشوية فهي الطبقة العميقة داخل البطن المحيطة بأعضاء مثل الكبد والكلى والبنكرياس والأمعاء.

وتعمل هذه الدهون كعضو أصم، حيث تطلق مواد كيميائية مسببة للالتهابات وأحماضا دهنية حرة مباشرة إلى الكبد. ويؤدي تراكم الدهون الحشوية إلى مقاومة الأنسولين وتراكم الدهون في الكبد وزيادة دهون الدم غير المرغوب فيها، كما تؤدي إلى رفع ضغط الدم ومخاطر أمراض القلب والأوعية الدموية، وترتبط بانقطاع النفس النومي. كما ثبتت علاقتها بالتطور المبكر لمرض الزهايمر.

نصائح وقائية

في حين أن كل الأجسام تحتوي على دهون حشوية، إلا أن الأطعمة الدهنية والكربوهيدرات (السكريات) يمكن أن تساهم في تخزين كميات أكبر منها إذا كان النشاط البدني منخفضا.

ويمكن لهرمون الكورتيزول المُحفز للتوتر أن يزيد من كمية الدهون المُخزنة. ورغم صعوبة استهداف منطقة الدهون الحشوية، يُمكن تقليلها بالطرق المُعتادة، والتي يأتي على رأسها النظام الغذائي الصحي والتمارين الهوائية ورفع الأثقال، بالإضافة إلى الحفاظ على نوم صحي وجيد، ومكافحة مستويات التوتر.

يقرأون الآن