تترقب إسرائيل في ساعات مساء اليوم الخميس انعقاد المجلس الوزاري المصغّر للشؤون الأمنية والسياسية (الكابينت)، حيث يُتوقع أن يُحسم فيه الموقف الرسمي من المرحلة الأولى لاتفاق غزة، تمهيدًا لتصديق الحكومة عليه لاحقًا. ويُعد هذا التصديق البوابة الفعلية لبدء وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى.
وقبل انعقاد الكابينت، عقد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لقاءً مصغَّرًا مع كبار القيادات الأمنية ومع الوفد العائد من شرم الشيخ، برئاسة وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، الذي يُعد من أكثر المقربين إليه. في الاجتماع، تم استعراض ما تمّ التوصل إليه في مفاوضات شرم الشيخ، التي لا تزال مستمرة بمشاركة وفد فني إسرائيلي، يدرس بنود تنفيذ خطة إنهاء الحرب.
حسب مراسلة الجزيرة في فلسطين نجوان السمري، فإن الكابينت كان من المفترض أن يبدأ منذ نحو نصف ساعة، لكن الإعلان عن انطلاقه تأخر، كما تأجل اجتماع الحكومة الذي كان مقررًا بعده من السادسة إلى وقت لاحق، ثم إلى الثامنة (بتوقيت القدس). وهذا التأخير يشير إلى أن عملية التصويت الأولى ربما ستُعقد في وقت متأخر.
عند التصديق الحكومي، يُفترض أن يدخل وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ خلال 24 ساعة، لكن البُعد التقني داخل إسرائيل يتطلب نشر قوائم الأسرى الذين سيُفرج عنهم على موقع وزارة العدل، لفتح الباب أمام تقديم اعتراضات أمام المحكمة العليا — وهو إجراء شكلي لا يمنع الانتقال الفعلي للتنفيذ الميداني.
من جهتها، أعلنت المؤسسة العسكرية الإسرائيلية أنها لن تبدأ إعادة الانتشار أو الانسحاب نحو “الخط الأصفر” داخل قطاع غزة إلا بعد التصديق الرسمي للحكومة، مشيرة إلى أن القصف الجوي المستمر يُبرَّر في بعض الأحيان بأنه “إجراءات دفاعية” لحماية القوات المنتشرة.
إلا أن مراقبين يرون أن استمرار الغارات يحمل بعدًا سياسيًا داخليًا، في إطار صراع نتنياهو مع التيارات المتشددة في الائتلاف، وعلى رأسها وزراء مثل إيتمار بن غفير وبتسيلئيل سموتريتش، اللذين يعارضان الاتفاق. لكن مراسلة الجزيرة تؤكد أنهما فقدا تأثيرهما في مسار القرار، ويستفيد نتنياهو من معارضتهما لتأكيد قدرته على فرض الاتفاق رغم الضغوط.
في الخطاب الرسمي الإسرائيلي، يُرَكز الآن على ما يُعرف بـ “صفقة تبادل الأسرى” أو “إعادة المختطفين”، بينما غابت عبارة “إنهاء الحرب” من التصريحات الإعلامية، في سعي إلى حصر الاتفاق في البعد الإنساني دون التورّط في نقاشات عسكرية علنية. هذا التوجه يُرضي الجناح اليميني داخل الحكومة، لكنه لا يعكس تمامًا جوهر الصفقة التي باتت تُدار من غرفة التوجيه الأميركية، حيث يشارك مبعوثون مثل ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر في متابعة التفاصيل عن قرب.
في إسرائيل، يُنتظر أن تُصادق الحكومة على الاتفاق مساء اليوم، ما يفتح الباب أمام البدء الفعلي للانسحاب من غزة وفق المرحلة الأولى، وإطلاق سراح أسرى فلسطينيين مقابل أسرى إسرائيليين، في خطوة قد تمهّد لمرحلة جديدة في مسار الصراع.