مقالات آخر تحديث في 
آخر تحديث في 

خاص "وردنا"- دعم دولي للبنان... هل يتلقفه ليلتحق بمسار التسويات أو يبقى على قارعة الأزمات؟

خاص

ليس أمرا عابرا أن يذكر الرئيس الأميركي دونالد ترامب لبنان مرتين خلال ساعات، موجها رسالة الى الرئيس اللبناني جوزاف عون من على منبر الكنيست الاسرائيلي، قائلا: "في لبنان خنجر حزب الله الذي كان مسلطا على إسرائيل دُمّر. ندعم الرئيس اللبناني الجديد في خطة نزع سلاح الحزب وبناء دولة تعيش بسلام مع جيرانها وهو يقوم بعمل جيد جدا". بالتوازي، لفت موقف الرئيس عون الذي أكد انه لا يمكن أن نكون خارج المسار القائم في المنطقة، وهو مسار تسوية الأزمات، وسبق للدولة اللبنانية أن تفاوضت مع إسرائيل برعاية أميركا والأمم المتحدة، ما أسفر عن اتفاق لترسيم الحدود البحرية.

موقفان، أميركي ولبناني، يشيان بأن لبنان يقف على مفترق طرق حاسم وجازم: اما أن يلتحق بمسار تسوية الأزمات الذي تشهده المنطقة، وتصفير الحروب، والعيش بسلام أو يبقى عالقا في دوامة اللاحرب واللا سلم الى أبد الآبدين. والاكيد ان المسؤولين في بلد الارز، وأهله ينشدون السلام لأنهم تعبوا من الحروب التي لم تجلب لهم الا الدمار والخراب والقتل والفقر، وما تقوم به الحكومة من محاولة لحصر السلاح يصب في إطار بناء دولة فعلية، تواكب التطورات والتغيرات الحاصلة في المنطقة.

وفق المعلومات، الموقف الذي أعلنه الرئيس عون يحظى بتغطية كاملة من أركان السلطة، وقوبل بارتياح دبلوماسي غربي واسع اذ أكد مصدر مطلع لموقع "وردنا" ان الرئيس عون يحاول إيجاد التوازن الوطني مع التمسك بإرساء السلام الذي لن يصل الى مرحلة التطبيع انما التفاوض غير المباشر مع اسرائيل برعاية الولايات المتحدة الاميركية. ولا بد ان لبنان سيبلغ المجتمع الدولي انه قبل أي خطوة نحو التفاوض، يجب على اسرائيل تنفيذ بنود اتفاق وقف إطلاق النار، والانسحاب من النقاط التي تحتلها ووقف العمليات العسكرية والسماح بإعمار القرى المهدّمة.

إذا، مع بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، تحولت الأنظار إلى لبنان، وسجلت متابعة دولية لقضاياه العالقة ان كان من قبل الرئيس ترامب الذي اعتبر مراقبون انه أراد أن يبعث برسالة دعم الى الرئيس اللبناني، وتشجيعه على السير قدما في بناء الدولة، وسحب السلاح من "حزب الله"، والانخراط في خطة السلام في الشرق الاوسط. الاكيد ان الامور ستتبلور أكثر، وستتضح التوجهات والقرارات الاميركية بعد وصول السفير الاميركي الجديد ميشال عيسى الى بيروت مع التشديد على ضرورة أن تمارس الولايات المتحدة الأميركية ضغوطا على اسرائيل ليتمكن لبنان من السير قدما في عملية السلام. لكن، الى اليوم، لا أحد يعرف الى أين ستتجه الامور، الى التصعيد او الحلحلة خصوصا ان ملف لبنان مرتبط ارتباطا وثيقا بإيران، وربما ما يسري من اتفاقيات في غزة لا ينسحب على الوضع اللبناني. وهنا لا بد من الاضاءة على تصريحات السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام الذي شدد على ضرورة أن ينجح لبنان في نزع سلاح "حزب الله" قبل أن يعمّ السلام الحقيقي في المنطقة. المنطقة والعالم يجب أن يكونوا مستعدين لمساعدة لبنان في هذا المسعى المهم.

ووفق مصدر متابع، السياسة الاميركية واحدة لا تتجزأ، وأميركا تتبع سياسة معينة في المنطقة، ولا تنتظر السفير ليعبّر عن توجهاتها الواضحة التي عبّر عنها ترامب بشكل واضح. وفي كل الاحوال، علينا انتظار التطورات في المنطقة والمفاوضات بين أميركا وايران.

على المقلب الآخر، يرى البعض في خطاب الرئيس الأميركي أمام الكنيست إشارة سلبية ومقلقة، وغير مطمئنة للبنان على اعتبار انه رمى الكرة في ملعب رئيس الجمهورية، وحمّله مسؤولية نزع السلاح في ظل الاعتداءات الاسرائيلية اليومية على لبنان دون أي ضغط أميركي على اسرائيل لاحترام القرارات الدولية مع العلم ان لبنان عالق بين همومه الداخلية والحفاظ على السلم الاهلي وبين محاولة التحاقه بمسار التسويات الكبرى.

الصحافي والكاتب السياسي صهيب جوهر اعتبر في حديث لموقع "وردنا" انه لا يجوز الانجرار خلف خطاب مجموعات سياسية تتخوف من أي اتفاق إقليمي تحت المظلة الاميركية. الكرة في ملعب لبنان، والحكومة تحملت مسؤوليتها، والجيش يقوم بالمهام الملقاة على عاتقه لناحية نزع السلاح. اسرائيل وقعت اتفاق اطلاق النار مع حماس لكن لا ننتظر ان توقف اعتداءاتها ان كان في لبنان أو في غزة. الواقعية اليوم، تتطلب المفاوضات غير المباشرة لحل الازمات برعاية دولية. في لبنان هناك أرضية يمكن الانطلاق منها كإتفاق وقف اطلاق النار، والورقة الاميركية التي أقرتها الحكومة والجيش وضع الخطة التنفيذية. الارضية في لبنان قائمة انما تتطلب روحية سياسية، وعلى الجانب الاسرائيلي الالتزام بالاتفاقيات من خلال الضغط الدولي عليه. الرئيس عون يقوم بجهد كبير، وهناك اجراءات على الارض بعيدة عن الاعلام. المجتمع الدولي أصبح على قناعة ان التسويات لا يمكن أن تحصل تحت الضغط انما تتطلب نقاشا داخليا .

من ناحية أخرى، وفي اطار الدعم الدولي والمتابعة الدولية للبنان، جدّد الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في رسالة وجهها الى رئيس الجمهورية جوزاف عون، تصميمه على تنظيم مؤتمرين لدعم لبنان قبل نهاية السنة الجارية. الأول، لدعم الجيش اللبناني والقوات المسلحة، حجر الزاوية في تحقيق السيادة الوطنية. والمؤتمر الثاني لنهوض لبنان وإعادة الاعمار فيه.

وفي هذا السياق، يرى جوهر انه علينا أن نرى الامور بإيجابيتها، وتتلخص بـ: كلام ترامب الايجابي تجاه رئيس الجمهورية. ثم الزيارات الاميركية المتنوعة بين سياسية وديبلوماسية وعسكرية الى لبنان. دور السعودية من خلال الأمير يزيد بن فرحان الذي تدخل في منع تمدد الاشكالية بين الرئيس نواف سلام وحزب الله. زيارة قائد الجيش الى قطر، وهناك حديث جدي عن دعم أوسع للجيش اللبناني. وكلام الرئيس ماكرون عن دعم لبنان. كل ذلك، يدل ان لبنان يلقى اهتماما دوليا واسعا. نحن ذاهبون نحو الاتفاق لأن اسرائيل لا يمكنها الاستمرار في الحرب كما ان لبنان لم يعد باستطاعته تحمّل الخسائر. ربما من خلال الضغط على نتنياهو، نصل الى اتفاق ما.

يقرأون الآن