خاص-

على الرغم من أن أزمة السير في لبنان ليست وليدة اليوم، إلا أن آثارها باتت أكثر وضوحًا مع مرور الوقت، في ظل غياب خطط نقل فعّالة وضعف البنى التحتية. فما الذي يمنع تنفيذ خطط نقل عامة فعّالة رغم الدراسات والمشاريع السابقة؟ وهل يمكن للتكنولوجيا وأنظمة النقل الذكية أن تُعيد الانسياب إلى طرق العاصمة؟

الخبير في السلامة المرورية كامل إبراهيم أوضح ل"وردنا" أن الازدحام المروري انخفض مؤقتًا بعد أزمة كورونا، لكنه سرعان ما عاد إلى مستوياته السابقة، مشيرًا إلى أن السبب الأساسي يكمن في العدد الكبير من المركبات مقابل بنى تحتية غير مهيأة، فضلاً عن اعتماد اللبنانيين السيارة الخاصة وسيلة نقل أساسية.

وأضاف إبراهيم أن هذا الواقع أدى إلى ارتفاع عدد المخالفات المرورية، ولا سيما مخالفات الوقوف الممنوع، في ظل غياب خطط نقل جدّية خلال العقدين الأخيرين لمواكبة التطور الحاصل في عدد المركبات ووسائل النقل.

وحول دور باصات النقل المشترك في الأزمة، شدد إبراهيم على أنها ليست سببًا في تفاقم الزحمة، بل العكس تمامًا، فهي تساهم في التخفيف منها، “رغم بطئها وحجمها الكبير، إلا أنها تسير في طرق لا تتجاوز فيها السرعة القصوى 60 كيلومترًا في الساعة، وعددها قليل أصلًا”.

وتحدث إبراهيم عن تأثير الفوضى العمرانية على الحركة المرورية، معتبرًا أن أي مشروع إنشائي – سواء كان بناءً أو جسراً – يجب أن يأخذ في الاعتبار حركة السير قبل منحه الترخيص، لأن الفوضى في العمران تنعكس مباشرة على الطرق.

أما عن مشاريع الدولة لمواجهة الازدحام، فاختصرها إبراهيم بـ “تسيير بعض باصات النقل المشترك، ودراسات عن مشروع الباص السريع (VIT) الذي توقف قبل أن يرى النور”.

وتطرّق إلى تجربة شتورة بالإشارات الذكية، معتبرًا أنها “تجربة مهمة” سبق أن كانت مطبّقة في بيروت قبل عام 2019، حيث كانت غرفة التحكم المروري تتحكم بالإشارات تبعًا لحركة السير. لكن مع انهيار العملة وتوقف عمل الغرفة، توقفت هذه الأنظمة عن العمل.

ولفت إبراهيم إلى أن إعادة تفعيل غرفة التحكم المروري باتت حاجة ملحّة، لكنها تتطلب تدخل القطاع الخاص، مشددًا على ضرورة إدخال أنظمة النقل الذكية التي تعتمد على التكنولوجيا الحديثة والكاميرات لضبط المخالفات وتنظيم الإشارات وفق أوقات الذروة.

وأشار إلى أن خرائط “غوغل” تساعد اليوم في التخفيف من الزحمة عبر توجيه السائقين إلى طرق بديلة، ما يحد من الضغط على بعض المحاور.

وختم إبراهيم بالقول إن الدراجة النارية يمكن أن تكون جزءًا من الحل المؤقت لأزمة السير “شرط الالتزام بالقوانين وإرشادات السلامة”، مؤكدًا أن “الدراجة تُعامل كمركبة في قانون السير، وأي مخالف — مهما كان نوع مركبته — هو المسؤول”.

تبقى زحمة السير في لبنان انعكاسًا لفوضى التخطيط وغياب الرؤية. والحل لن يأتي بترقيع الطرق، بل برسم خطة نقل حديثة تواكب الواقع وتفتح الطريق أمام تنقّلٍ منظم ومستدام. فهل يتحرّك المعنيون قبل أن تتوقّف الحركة تمامًا؟

يقرأون الآن