إقتصاد آخر تحديث في 
آخر تحديث في 

أميركا وأستراليا.. ماذا تعرف عن "تحالف المعادن النادرة"؟

أميركا وأستراليا.. ماذا تعرف عن

تتوسّع الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين رويدا رويداً، لتصل ساحتها هذه المرة إلى المعادن النادرة التي تُعد العمود الفقري للصناعات الحديثة مثل؛ الطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية إلى تكنولوجيا الدفاع.

في مواجهة الهيمنة الصينية على استخراج هذه المعادن وتكريرها، تسعى واشنطن إلى فكّ الارتباط الصناعي عن بكين، والبحث عن شركاء موثوقين لتأمين سلاسل الإمداد الحساسة، وهنا تبرز أستراليا، بخبرتها العريقة واحتياطاتها الغنية، بوصفها المرشّح الأقوى للعب هذا الدور.

وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي، أعلنا اتفاقاً ضخماً لضخ مليارات الدولارات في مشاريع مشتركة للمعادن الحيوية، في محاولةٍ لتقويض قبضة الصين المحكمة على الأسواق العالمية، وبناء منظومة غربية مستقلة في هذا الميدان الاستراتيجي.. وفي ما يلي نظرة على إمكانية أن تغير هذه الشراكة خريطة التجارة العالمية في مجال المعادن النادرة، بحسب "نيويورك تايمز":

لماذا أستراليا؟

تشير التقديرات إلى أن أستراليا تمتلك ما لا يقل عن 5% من احتياطيات العالم من المعادن النادرة، وتسهم بنحو 8% من الإنتاج العالمي.

لكن التحدي الحقيقي لا يكمن في استخراج هذه العناصر من باطن الأرض، بل في معالجتها تكنولوجياً والحد من الأضرار البيئية التي يمكن أن تنجم عن هذه العمليات إن لم تُنفذ بحذر، فهذه العناصر توجد بتركيزات منخفضة، وعزلها كيميائياً عملية معقدة. وعلى الرغم من أهميتها، فإن ندرتها واستخدامها بكميات صغيرة جداً، جعلا الاستثمار في تطوير تقنيات إنتاجها غير مجدٍ اقتصادياً للشركات الخاصة.

ومع ذك، تكمن أهمية أستراليا في قطاع التعدين المتين، والذي يُعد من أهم ركائز اقتصادها، إضافة إلى خبرة صناعية متقدمة في المجال، ووفقاً لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS)، يوجد في أستراليا 89 مشروعاً نشطاً لاستكشاف المعادن النادرة، وهو عدد يفوق أي دولة أخرى في العالم.

متى يمكن أن نرى نتائج ملموسة؟

قال الرئيس ترامب أمس الاثنين إنه: «خلال عام واحد فقط، سيكون لدينا من المعادن الحيوية والمعادن النادرة ما لا نعرف ماذا نفعل به».. وبموجب الاتفاق المعلن، ستستثمر الحكومتان الأميركية والأسترالية مليار دولار لكل منهما خلال الأشهر الستة المقبلة لإنشاء سلسلة من مشاريع المعادن الحيوية في كلا البلدين.

ربما كان الرئيس الأميركي متفائلاً في تصريحه، لكن الحقيقة أن العثور على الرواسب الجيولوجية ليس سوى الخطوة الأولى فقط. والحصول على تراخيص التعدين يحتاج وقتاً طويلاً، وبناء منجم جديد قد يستغرق سنوات، كما أن إنشاء مصفاة لفصل المعادن النادرة عن الخام يتطلب سنوات إضافية. وبعد ذلك تأتي مرحلة إتقان العمليات الكيميائية الدقيقة اللازمة للفصل، وهي أصعب المراحل.

بحسب مكتب رئيس الوزراء الأسترالي، ينص الاتفاق على التزامات مالية بمشروعين داخل أستراليا؛ الأول منجم للمعادن النادرة في الإقليم الشمالي سيساهم بما يصل إلى 5% من الإمدادات العالمية. والثاني مشروع لإنتاج عنصر "الغاليوم" في غرب أستراليا، ويُتوقع أن ينتج في المستقبل 10% من الإمدادات العالمية، ويُستخدم "الغاليوم" في أشباه الموصلات المتقدمة لنقل البيانات عبر الألياف الضوئية.

وينص الاتفاق كذلك على أن تتدخل الحكومتان إذا لم تكن المشاريع مجدية تجارياً، نظراً لأن الصين دأبت سابقاً على إغراق الأسواق العالمية بالمعادن النادرة لخفض الأسعار وإخراج المنافسين من السوق.

كيف ينعكس ذلك على الجغرافيا السياسية؟

تُعد أستراليا من أقرب حلفاء الولايات المتحدة، وسيعزز هذا التعاون في مواجهة هيمنة الصين على المعادن النادرة، العلاقة بين البلدين. لكن هذه العلاقة بدت في الأشهر الأخيرة أقل استقراراً، مع رئيس أميركي اتسمت مواقفه من الحلفاء بالتقلب بين الشكوك والازدراء.. لذلك وجب الإشارة إلى ما قاله مكتب ألبانيزي من أن "الاتفاق مع واشنطن غير ملزم قانونياً ولا يمكن إنفاذه قضائياً".

في المقابل، يبدو الاقتصاد الأسترالي رهيناً بالصين، حيث تشتري الأخيرة نحو ثلث صادرات أستراليا، خصوصاً الفحم، إضافة إلى المنتجات الزراعية مثل النبيذ واللحوم، كما أن قطاع التعدين الأسترالي متشابك بشدة مع السوق الصينية، التي تستحوذ على ثلاثة أرباع صادرات أستراليا من خام الحديد.

وفي الشهر الماضي، حذّرت وسائل الإعلام الصينية الرسمية، كانبرا، من تعاونها مع الولايات المتحدة، مؤكدة أن بكين "لن تتسامح مع أي انتهاك لمصالحها الجوهرية".. فهل وقعت أستراليا بين مطرقة وسندان؟

يقرأون الآن