بيئة

ذوبان جليد الهيمالايا يهدد بـ"كارثة" قد تؤثر على ملياري شخص

ذوبان جليد الهيمالايا يهدد بـ

مع استمرار ارتفاع درجات الحرارة العالمية، لم يُظهر ذوبان الأنهار الجليدية في جبال الهيمالايا أي علامات على التباطؤ. وأصدر علماء المناخ الآن تحذيرا من أن هذا التطور قد يُسفر عن عواقب وخيمة.

وتؤكد دراسة جديدة أن مناطق جبال الهيمالايا تفقد كتلتها الجليدية بمعدل ينذر بالخطر. فقد فقدت نيبال نحو ثلث جليدها على مدار الـ30 عاما الماضية، كما أن معدل فقدان الجليد هذا يتسارع باستمرار في جميع أنحاء سلسلة الجبال.

ووفقا للدراسة التي أجراها المركز الدولي للتنمية الجبلية المتكاملة، من المتوقع أن تفقد منطقة هندوكوش في الهيمالايا ما يصل إلى 80% من حجم أنهارها الجليدية بحلول نهاية هذا القرن، وقد يؤدي هذا إلى أضرار لا رجعة فيها لعدد لا يحصى من المجتمعات في جميع أنحاء آسيا.

وكانت دراسة أخرى قد أشارت إلى أن أنهار الجليد في منطقة الهيملايا تفقد أكثر من 22 مليون غيغا طن سنويا من الجليد، أي ما يعادل نحو 9 ملايين مسبح أولمبي، كما أن تلك الأنهار لم تعد تراكم ما يكفي من الجليد لتعويض ذوبانها.

وتؤكد إيزابيلا كوزيل، نائبة المدير العام للمركز الدولي للتنمية المتكاملة للجبال، أن الأنهار الجليدية في جبال هندوكوش هيمالايا تعد مكونا رئيسيا في نظام الأرض.

وأضافت أنه "مع اعتماد نحو ملياري شخص في آسيا على المياه التي تحتفظ بها الأنهار الجليدية والثلوج هنا، فإن عواقب فقدان هذا الغلاف الجليدي هائلة للغاية لدرجة تصعب تصورها. نحن بحاجة إلى تحرك القادة الآن لمنع وقوع كارثة".

ويُهدد تراجع الأنهار الجليدية في جبال الهيمالايا الأمن المائي لمئات الملايين من الناس بسبب اضطراب تدفق الأنهار. وتُعدّ تلك الأنهار خزانات طبيعية للمياه، ويُقلّل تراجعها من هذا الإمداد المائي الحيوي. وينطبق هذا بشكل خاص على المجتمعات التي تعتمد عليها لتوفير مياه الشرب والري خلال مواسم الجفاف.

كما يمكن أن يزيد فقدان الأنهار الجليدية الجبلية أيضا من خطر حدوث فيضانات كارثية ناجمة عن انفجار البحيرات الجليدية، مما قد يؤدي إلى ندرة مياه طويلة الأمد تؤثر على الزراعة والأمن الغذائي وإنتاج الطاقة.

ومع استمرار ارتفاع درجات الحرارة العالمية، قد نشهد تزايدا في وتيرة فيضانات البحيرات الجليدية، وربما تفاقما في حدتها.

أما خارج آسيا، فيُسهم ذوبان الكتل الجليدية في جبال الهيمالايا بشكل كبير في ارتفاع منسوب مياه البحار عالميا، مما قد يُخلف آثارا بعيدة المدى في جميع أنحاء العالم.

ويشمل ذلك زيادة العواصف والتآكل الشديد، مما يؤدي إلى خسارة كبيرة في الأراضي، كما قد تشهد المجتمعات المحلية تدفقا للمياه المالحة إلى مصادر المياه العذبة، مما يُفاقم تناقص إمدادات المياه الرئيسية.

ورغم أن توقعات ذوبان الأنهار الجليدية في جبال الهيمالايا تبدو قاتمة، فإن التفاؤل لا يزال قائما -حسب الدراسة- بوجود هامش من الوقت لإبطاء وتيرة الذوبان، ولكن ذلك يعتمد على الإستراتيجيات الاستباقية والتكيف واسع النطاق.

ومع استمرار الدول في العمل على تقليل اعتمادها على الوقود الأحفوري المُسبب لارتفاع درجة حرارة الكوكب، والاستثمار في موارد الطاقة المتجددة، يمكن أن نشهد تباطؤا في ارتفاع درجة الحرارة العالمية.

وترى كوزيل أنه لا يزال هناك وقت لإنقاذ هذه المنطقة الحرجة، ولكن فقط إذا بدأت الآن تخفيضات سريعة وعميقة للانبعاثات، فكل زيادة طفيفة في الاحترار تُؤثر على الأنهار الجليدية هنا وعلى مئات الملايين من البشر الذين يعتمدون عليها.

وتشير الدراسة إلى أنه إلى جانب إجراءات التخفيف العاجلة، نحتاج إلى توسيع نطاق صناديق التكيف وبرامجه واستعادة النظم البيئية بسرعة، وتعبئة التمويل لتغطية الخسائر والأضرار.

وكانت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية أكدت -في تقرير لها- أن الأنهار الجليدية في العالم تعرضت للخسارة الكبرى على الإطلاق في كتلتها على مدى 3 سنوات بين عامي 2022 و2024.

وفقدت الأنهار الجليدية العالمية 301 مليار طن متري من الجليد سنويا، مما أسهم في خُمس الارتفاع الملحوظ في مستوى سطح البحر.

ويغطي أكثر من 275 ألف نهر جليدي في جميع أنحاء العالم مساحة تبلغ 700 ألف كيلومتر مربع تقريبا. وتخزن الأنهار الجليدية والصفائح الجليدية معا ما يقرب من 70% من موارد المياه العذبة في العالم.


يقرأون الآن