كشفت المملكة المتحدة عن خطوات جديدة لتوسيع قدراتها المضادة للغواصات عبر شمال المحيط الأطلسي وبحر الشمال، في مسعى لتعقب الغواصات الروسية وقطع الطريق على التحرك الحر في المياه الاستراتيجية.
وتعمل البحرية الملكية على مزج تكتيكات مكافحة الغواصات التقليدية مع أدوات مبتكرة تعتمد على أنظمة غير مأهولة وأجهزة استشعار متخصصة، بحسب تقرير لمجلة The National Interest.
في منتصف هذا الشهر، طرحت وزارة الدفاع البريطانية مناقصة لتوريد أنظمة غير مأهولة معتمدة على تحليل البيانات ومصممة خصيصاً لمهمات الحرب المضادة للغواصات، وهي الخطوة الأولى في خطة لندن لإنشاء شبكة واسعة مضادة للغواصات تغطي أجزاء كبيرة من شمال الأطلسي وبحر الشمال.
وتسعى الحكومة إلى تسخير قدرات الذكاء الاصطناعي لتسريع الكشف والاستهداف، ما يجعل تلك المساحات "عصيّة على الاختراق" أمام الغواصات الروسية.
تركّز الخطة بشكل خاص على إغلاق الفجوة المعروفة باسم "جيوك" (GIUK)، الممر الذي يربط بين غرينلاند وآيسلندا والمملكة المتحدة، باعتبارها ممراً استراتيجياً لدخول السفن إلى المحيط الأطلسي من الشمال. وإلى جانب الأنظمة السطحية وتشكيلة من المنصات غير المأهولة وأنظمة الاستشعار تحت الماء، تنوي البحرية الملكية نشر أسطول من فرقاطات Type 26 المتخصصة بالحرب المضادة للغواصات لتنفيذ دوريات في المنطقة.
وتُشير الأرقام إلى أن الأسطول الروسي يمتلك نحو 64 قطعة غواصات متنوعة، تشمل غواصات استراتيجية مزودة صواريخ باليستية بالإضافة إلى غواصات هجومية تعمل بالطاقة النووية أو بالديزل والكهرباء.
وتأتي شبكة الانتشار هذه كجزء من عملية أوسع أطلق عليها "الحصن الأطلسي" (Atlantic Bastion) بقيادة البحرية الملكية البريطانية.
ذُكر اسم عملية "الحصن الأطلسي" لأول مرة في تقارير دفاعية وتحليلات نُشرت في حزيران/يونيو الماضي، ضمن مراجعة الدفاع الاستراتيجية للمملكة المتحدة التي تناولت خطط تعزيز القدرات المضادة للغواصات وتأمين شمال الأطلسي وبحر الشمال لصالح بريطانيا وحلف شمال الأطلسي (الناتو)، ردّاً على تنامي قدرات الأسطول الروسي الحديث.
وبحسب تقرير The National Interest، فإن وزارة الدفاع البريطانية تصف العملية بأنها تقوم على شبكة شاملة متعددة الطبقة من أجهزة الاستشعار، تعمل فوق سطح الماء وتحته، لتشكيل مقاربة متكاملة متعددة المجال، تُنفَّذ بالتعاون مع سلاح الجو الملكي والقيادة الاستراتيجية ومكتب المسح الهيدروغرافي وحلف الناتو وشركاء من القطاع الخاص.
تُذكّر هذه المبادرة، بحسب مسؤولين وخبراء، بجهود سابقة للبحرية البريطانية لاحتواء أساطيل معادية، خصوصاً الحصار البحري الذي فرضته المملكة المتحدة ضد الأسطول الألماني خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية.
آنذاك امتد الحصار من اسكتلندا إلى النرويج، ومن اسكتلندا إلى آيسلندا وغرينلاند، بهدف حماية السفن التجارية وسفن الإمداد، تجربة نجحت في احتواء السفن الحربية الرئيسية لكنها لم تكن بالفاعلية نفسها ضد الغواصات.
اليوم، تهدف عملية "الحصن الأطلسي" إلى إعادة صوغ هذا النهج عبر بناء "حصار" حديث متعدد الطبقة، يمنع الأسطول الروسي، وبخاصة غواصاته، من اختراق شبكة الدفاع البحري البريطانية وحلفائها، ويضمن سيطرة أكبر على الممرات البحرية الحيوية شمال الأطلسي وبحر الشمال.


