مقالات

خاص "وردنا"- بري يحرك ملف إعادة الإعمار... رسائل للداخل والخارج أو خطوة في مسار الألف ميل؟

خاص

على إيقاع التصعيد جنوبا، والرسائل التي تريد إسرائيل إيصالها الى السكان من خلال قصف المنشآت ومعارض الجرافات والآليات الثقيلة بأن إعادة الإعمار ممنوعة، وعودة مظاهر الحياة غير مسموحة في المناطق الحدودية، دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري الى اجتماع في مقره في المصيلح لمناقشة برنامج وخطط إعادة الاعمار، والتكلفة المادية، ومصادر التمويل،وتأمين الخدمات بعد مرور عام على الحرب، وما خلفته من دمار هائل في الأبنية والبنى التحتية والمؤسسات.

الاجتماع الذي اعتبره مصدر متابع لموقع "وردنا" بأنه خطوة أساسية وهامة لا بد منها في رحلة الالف ميل خصوصا ان الرئيس بري يشدد دائما على أولوية الاعمار ليعود الناس الى منازلهم وأرزاقهم، ويتحدث عن تقصير حكومي في معالجة هذا الملف الحيوي،سيحضره وزراء الى جانب ممثلين عن مجلس الانماء والاعمار، ومجلس الجنوب، وقوات اليونيفيل، ومنظمات دولية معنية، والبنك الدولي، ومحافظي الجنوب والنبطية، ورؤساء الاتحادات البلدية في الجنوب بحيث ان التنسيق هام وضروري بين الجهات كافة من وزارات وهيئات معنية لأن الورشة كبيرة جدا، وتتطلب مبالغا باهظة.

اللقاء الاوسع منذ نهاية الحرب على لبنان، والذي يُعقد على بعد عشرات الأمتار من موقع استهداف إسرائيلي لمنشآت بناء، يحمل رسائل سياسية للداخل والخارج. أولا، الرئيس بري يريد إيصال رسالة الى الجنوبيين ان من أولى أولوياته عودة السكان الى مناطقهم. ثانيا، يريد القول لاسرائيل ان أهل الجنوب لن يتخلوا عن أرضهم، وسيعودون الى منازلهم رغم التهديد والتهويل بإنشاء منطقة عازلة خالية على حدودها. 

وهنا يبرز السؤال الاهم: ما أهمية هذا الاجتماع في ظل اصرار الدول الغربية والعربية المانحة على عدم تقديم أي مساعدة أو المساهمة في إعادة الاعمار طالما ان الحكومة اللبنانية لم تنفذ قرار حصرية السلاح، وتلتزم باتفاق وقف إطلاق النار، وبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها، والتأكد من معالجة كل الذرائع التي يمكن أن تجدد الحرب مع اسرائيل؟.

رسائل لجهات متعددة

في هذا الاطار، أكد أحد النواب لموقع "وردنا" ان الاجتماع يهدف الى ايصال رسائل الى جهات متعددة: الى اسرائيل، والى الدول المانحة، والى الداخل اللبناني. الى اسرائيل، نقول ان التصعيد لن يثني أهل الجنوب عن العودة لأن إرادة الحياة أقوى من أي شيء آخر، والاهالي يعودون الى منازلهم المهدمة رغم التهديد والغارات المستمرة كما أيام الحرب. وما يتم الحديث عنه عن مناطق عازلة أو مناطق اقتصادية، لن نقبل به. الارض أرضنا، ونحن نقرر كيفية استثمارها. أما الرسالة الثانية، فهي موجهة الى الدول المانحة اذ لا يمكن الانتظار أكثر للبدء بإعادة الاعمار كما لا يجوز أن نربط إعادة الاعمار بحصرية السلاح أو بأمر آخر. أما الرسالة الثالثة، موجهة الى الداخل اللبناني اذ لا يمكن أن نستمر بهذا التقصير في ملف إعادة الاعمار، ولا بد من جهد أكبر. المهم الارادة التي إن توافرت تصبح الامور أسهل. الاجتماع غدا يمكن وضعه في خانة تحفيز الارادة للبدء من مكان ما رغم الامكانات المالية المتواضعة.

إطلاق ورشة الاعمار بما توافر

أما النائب محمد خواجة، فاعتبر في حديث لموقع "وردنا" انه لا بد من إطلاق ورشة الاعمار بما توافر من إمكانيات مالية، واذا تم اقرار مبلغ 250 مليون دولار من البنك الدولي، يمكننا الانطلاق من مكان ما أو بمعنى آخر البدء بإعادة إعمار البنى التحتية التي لا تحتاج الى مبالغ مالية كبيرة كفتح الطرقات وترميم بعض الابنية التي لم تتضرر كثيرا. اسرائيل تريد محو أي أثر للحياة في الجنوب، ونحن نقول لها مقابل التصعيد والقتل، نحن عازمون على العودة الى قرانا. 

ولا بد من الاشارة الى أن البنك الدولي خصّص مبلغ 250 مليون دولار لتمويل إعادة إعمار المرافق العامة والبنى التحتية الخدماتية للمناطق المتضررة من الحرب في الجنوب، وكان ينتظر إقرار القرض في الجلسة العامة للبرلمان التي لم تعقد بعد فقدانها النصاب على خلفية قانون الانتخابات النيابية. لكن، هذا المبلغ في ظل غياب الغطاء والتفاهمات الدولية لن يجدي نفعا وفق ما قاله أحد المصادر المتابعة لموقع "وردنا"، والرئيس بري يدرك تماما ان عملية إعادة الاعمار مرتبطة بالمساعدات العربية والدولية، وهؤلاء الدول يربطون بدورهم المساعدات بتنفيذ اتفاق وقف اطلاق النار، وحصرية السلاح في يد الدولة. وبالتالي، لا امكانية لعودة جدية للاعمار اذا لم تنفذ خطة الحكومة. ونسمع من المجتمع الدولي ومن الموفدين الاجانب ان إعادة الاعمار يجب أن تكون بعيدة عن الحسابات السياسية، وتتم عبر مؤسسات الدولة الرسمية. والتصعيد الاسرائيلي يشير الى ان  اسرائيل لن تسمح بإعادة الاعمار طالما ان مسألة حصرية السلاح ما زالت غير منفذة، لا بل أكثر، فهي تهدد بحرب واسعة وقاسية في المرحلة المقبلة اذا استمرت الامور على ما هي عليه اليوم.

يقرأون الآن