هل إعلان «لبنان دولة فاشلة» هو فتح الباب لتغيير خرائط المنطقة؟

يتحدّث توم باراك اليوم عن لبنان بوصفه دولة فاشلة، ويضع المسؤولية مباشرة على الدولة اللبنانية نفسها لأنها عجزت عن نزع سلاح حزب الله. هذا الكلام ليس توصيفاً عابراً، ولا هو كلام نظري في مقابلة. هو مدخل سياسي لتغيير قواعد اللعبة. لأنّ تعريف لبنان بأنه «فشل» يعني ضمناً أنّ المجتمع الدولي قرّر تحميل المسؤولية للسلطة نفسها، لا للحزب وحده.

في هذه المقاربة، تصبح المشكلة ليست في وجود قوة مسلّحة خارج الدولة، بل في دولة فشلت في السيطرة عليها. وعندما تنتقل المسؤولية بهذا الشكل من الحزب إلى الدولة، يتغيّر موقف واشنطن تلقائياً من ملف الحرب والسلام في لبنان. لأن دولة فاشلة، وفق المنطق الأميركي، لا تملك حق طلب الحماية الدبلوماسية. وهذا يعني ببساطة: الولايات المتحدة لن تفرض على إسرائيل وقف الحرب في لبنان إذا اندلعت الجولة الكبرى، لأن لبنان سبق وسقط في الاختبار الأميركي، ولم يعد «شريكاً» في مفهوم الأمن الإقليمي.

في هذه الرؤية الجديدة، الدول الفاشلة ليست كيانات يجب إنقاذها، بل كيانات يمكن تجاوزها. وفي عالم ما بعد غزة، الأميركي والإسرائيلي يعيدان تعريف القيمة الاستراتيجية للدول. والدولة التي تفشل في ضبط أمنها تصبح دولة لا ضرورة لبقائها بشكلها الحالي. وهنا الخطورة الكبرى: عندما «تسقط» الدولة في معادلة القوى، يبدأ البحث ليس عن إنقاذها بل عن تحسين شروط الاستفادة من انهيارها.

ومن بين السيناريوهات التي يحملها هذا التحليل احتمال الذهاب نحو مقاربة «نزع سلاح» حزب الله بالقوة. وهذا السيناريو ليس مجرد فكرة عسكرية. هو مشروع حرب طويلة ومدمّرة: تفكيك قدرة الحزب بالقوة يعني تدمير بيئات كاملة، تهجير سكان، إعادة رسم انتشار ديموغرافي، وربما ضم مناطق أو فرض «مناطق أمنية» على الحدود اللبنانية. وفي لحظة فوضى كهذه، يمكن لقوى إقليمية أخرى أن تدخل على الخط لتوسيع نفوذها على حساب الجغرافيا اللبنانية.

النتيجة أن تصريح باراك ليس تحذيراً بقدر ما هو إعلان مرحلة. مرحلة تقول للبنانيين: أنتم لم تفشلوا في إدارة الملف فحسب، بل فقدتم حقكم في إدارة مصيركم. اليوم يتم رسم لبنان من الخارج مرة أخرى، وهذه المرة ليس على شكل وصاية، بل على شكل إعادة تعريف وجود. وفي هذه المعادلة، يصبح سؤال «من يتحمّل مسؤولية السلاح» أقل أهمية من سؤال «من يقرّر مصير الأرض».

يقرأون الآن