مقالات

خاص "وردنا"- رسالة "الحزب" الى الرؤساء... وظيفة إيرانية لتعكير قيام الدولة في لبنان

خاص

قبيل جلسة مجلس الوزراء التي كان ينتظرها الجميع لمعرفة مصير قانون الانتخابات النيابية، والاطلاع على تقرير الجيش حول تنفيذ خطة حصرية السلاح، جاءت المفاجأة من رسالة "حزب الله" التي وجهها الى رؤساء الجمهورية والمجلس النيابي والحكومة حيث خرج عن صمته حيال موضوع التفاوض مع اسرائيل في وقت تتم فيه مناقشة هذا الملف على أعلى المستويات تحت مظلة دولية وعربية.

الرسالة التي اعتبرت تطورا سلبيا بالغ الاهمية والخطورة الى حد يمكن وصفها بـ"الانقلابية" على الدولة ومؤسساتها وخياراتها وحصرية قرارها في الحرب والسلم، شكلت خدمة مجانية لإسرائيل لتوسيع اعتداءاتها التي لم تتوقف يوما حيث ان الجيش الاسرائيلي أعلن مساء أمس بعد الانتهاء من الغارات على البلدات الجنوبية التي نزح منها أهلها ان هذه الغارات ليست سوى مقدمة وان اسرائيل ستهاجم أهدافاً لحزب الله في جميع أنحاء لبنان بما في ذلك بيروت.

وخطورة الرسالة التي ضربت بعرض الحائط خطاب القسم والبيان الوزاري والقرارات الدولية واتفاق وقف إطلاق النار، انها تضع لبنان في موقف محرج تجاه المجتمعين الدولي والعربي إذ اعتبر "الحزب" فيها أن "لبنان ليس معنياً على الإطلاق بالخضوع للابتزاز العدواني والاستدارج نحو تفاوض ‏سياسي مع العدو الصهيوني وان موضوع حصرية السلاح لا يبحث استجابة لطلب أجنبي أو ابتزاز إسرائيلي"، معلنا "بصفتنا مكوّن مؤسس للبنان الذي التزمناه وطناً نهائياً لجميع أبنائه، نؤكد حقنا ‏المشروع في مقاومة الاحتلال والعدوان".

لكن لماذا هذه الرسالة في هذا التوقيت الحساس بالنسبة للبنان والمنطقة ككل؟ وما الهدف منها؟

الكاتب والمحلل السياسي جورج علم اعتبر في حديث لموقع "وردنا" ان حزب الله يقوم بوظيفتين: وظيفة إيرانية لتعكير قيام الدولة في لبنان من خلال مواقفه التي يطلقها: لا للتفاوض ولا لتسليم السلاح ولا لتحويل الحزب الى حزب سياسي. والوظيفة الثانية، يخدم إسرائيل بمعنى انها ستتذرع بسلاحه لتدمّر لبنان. وبالتالي، هذه الرسالة إيرانية لتقول طهران للولايات المتحدة الاميركية ان الدولة في لبنان لا تزال رهن الحزب أي رهن إيران. واستخدمت اسرائيل هذه الذرائع للعدوان كما حصل أمس. الحزب لا يريد أن يذهب رئيس الجمهورية الى التفاوض، والرسالة رد مباشر عليه. هو يريد التأكيد انه لا يزال متمسكا بسلاحه وبالقرار السياسي في البلد لتعطيل عمل الدولة، وهذا هو القائم للاسف.

وعن المقاومة التي تحدث عنها الحزب في رسالته، رأى علم انها أوصلت لبنان الى ما هو عليه اليوم. اذا كان يريد الحزب الاستمرار في المقاومة يعني انه يريد أن تدمّر اسرائيل البنى التحتية من المطار الى المرفأ الى شركة البترول الى محطات الكهرباء لكي يعود لبنان الى العصر الحجري. لو كان سلاح المقاومة قادر فعلا على تحقيق الانجازات لما وصلنا الى ما نحن عليه اليوم. 

وأشار الى مغالطات كبيرة في الرسالة، ومنها ان الطائفة الشيعية هي مكون أساسي في لبنان. ليس هناك من اعتراض على ذلك، لكن هل الطائفة الشيعية متمثلة بحزب الله؟ أين كان الحزب عندما كانت الطائفة الشيعية مؤلفة من مكونات مؤسسة للبنان، من آل الاسعد وعسيران وحمادة والى ما هنالك. اذا استمرت الامور على ما هي عليه اليوم، اسرائيل ستدمر المزيد من المناطق اللبنانية والاجتياح ليس مستبعدا. إذا كانت اسرائيل ترفض التفاوض في ظل السلاح، والحزب يرفض تسليم السلاح. كيف يمكن الخروج من هذه المعضلة؟ قرار الدولة مصادر، والحزب وضع لبنان في موقف صعب تتجاذبه الاطراف المتنازعة وفق ما قاله علم. 

ورغم ان هناك قناعة لدى المسؤولين بضرورة التفاوض، ورئيس الجمهورية جوزيف عون كرر تأكيده أمس خلال جلسة مجلس الوزراء الاستمرار بالمفاوضات،ينتظر اللبنانيون تداعيات رسالة "حزب الله" التي اعتبرها المحامي والمحلل السياسي أمين بشير تأتي تجسيدا للموقف الايراني لا أكثر ولا أقل.والحزب لا حول ولا قوة له حتى انه لا يرد ولو بـ"وردة" على كل الاستهدافات والاغتيالات والاختراقات الاسرائيلية وخسارة الارزاق، والمسيّرات التي تحلق فوق رؤوس اللبنانيين من أقصى الجنوب الى أقصى الشمال. الحزب في موقف محرج، والكل بات على قناعة ان من يريد التفاوض عليه التفاوض مع إيران. يثبت "الحزب" أكثر وأكثر من خلال هذه الرسالة انه بعيد عن الواقع اللبناني، ولا يزال ورقة في يد إيران على طاولة التفاوض مع الولايات المتحدة الاميركية. وهنا لا بد من الاشارة الى ان الحزب أصبح متفرعا، والبعض غير راض عن العلاقة مع إيران،ويتجه الى منحى آخر بعيدا عن الالتحاق بالمسار الايراني.

يقرأون الآن