لبنان

الإتفاق السعودي - الإيراني لبنانيًا: لا للرئيس الطرف

الإتفاق السعودي - الإيراني لبنانيًا: لا للرئيس الطرف

ما زالت القوى السياسية تحاول إستكشاف مآل الإتفاق السعودي- الإيراني وإنعكاساته على لبنان، إذ إنّ قوى ما يسمّى 8 آذار تسعى إلى تمرير مرشحها سليمان فرنجية من خلال الإيحاء بأنّ الإتفاق هو لصالحها، وقوى المعارضة تعمل على توحيد صفوفها لمواجهة خيار أخذ لبنان إلى ستّ سنوات إضافية من الأزمة المفتوحة في الداخل ومع الخارج وتجهد للإتفاق على مرشّح لا تشوبه شائبة التمحور.

وهناك رأي ثالث ووازن عبّر عنه مرجع وطني على تواصل دائم مع عواصم القرار، ويلتقي باستمرار سفراء الدول المعنية بالقضية اللبنانية، لا سيّما سفراء دول مجموعة الدعم الدولية للبنان، ويُقدّم لـ"نداء الوطن" الخلاصات التي كوّنها نتيجة لقاءاته البعيدة عن الأضواء والتي تشير بوضوح إلى أنّه "في الملف الرئاسي لا مكان للرئيس الطرف، والخارج يتعامل مع هذا الإستحقاق على أنّه هو المفتاح للفرج أو لمزيد من الإنغلاق".

ويؤكّد المرجع أنّ في ما يتعلّق بالإتفاق السعودي- الإيراني ببعده اللبناني فإنّ "الموقف الذي أعلنه وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان بدا الأكثر واقعية وانسجاماً مع الطرح العملي للخروج من دوّامة خلوّ سدّة الرئاسة، لجهة إعتباره أنّ لبنان يحتاج إلى تقارب لبناني - لبناني، وليس إلى تقارب سعودي - إيراني، وعلى قياداته تقديم المصلحة الوطنية على أي مصلحة أو إعتبار آخر، وبالتالي فإنّ الإتفاق الإقليمي بطرفيْه السعودي والإيراني والذي يخضع لمرحلة بناء الثقة، يمكن إعتباره عاملاً مساعداً لإيجاد حل للأزمة السياسية في لبنان كمدخل لحلّ الأزمات الإقتصادية والمالية والإجتماعية وإعادة ترتيب علاقاته مع الدول الشقيقة والصديقة، على أن يبقى القرار الأول والأخير في إختيار الرئيس المناسب لبنانياً بيد الفرقاء اللبنانيين، من دون إغفال وجود شراكة سعودية في القرار كونه سيرتّب مستلزمات لاحقة مع عدم إغفال العامل الإيراني".

ويشدّد المرجع على أنّه "أمام العلاقات السعودية - الإيرانية شهران حاسمان ومصيريّان لبناء الثقة والذهاب إلى إعادة العلاقات الدبلوماسية والمباشرة بتنفيذ إتفاقيات لها طابع سياسي وإقتصادي وثقافي، مع الأولوية للملف اليمني، بحيث التركيز على وجوب إنهاء الحرب ومساعدة اليمنيين على خوض المفاوضات الهادفة للوصول إلى إتفاق ينتج عنه تشكيل حكومة إنتقالية وإجراء إنتخابات تشريعية وإعادة تكوين السلطة بشراكة من كل مكوّنات الطيف اليمني بلا إستثناء، على أن تلتزم الرياض بتقديم كل المساعدة المطلوبة للحكومة اليمنية الجديدة لرفع آثار الحرب وبدء إعادة الإعمار وتأهيل البنى التحتية وضخ الأموال اللازمة لتحقيق ذلك، واللافت التجاوب الإيراني مع أولوية وقف الحرب، والعمل على إطلاق جميع الأسرى كخطوة أولى أساسية ورفع الحصار المفروض عن اليمن بالتزامن مع إنسحاب كل القوات الأجنبية من كل الأراضي اليمنية".

ولفت المرجع لـ"نداء الوطن" إلى أنّ "إعلان الإتفاق السعودي الإيراني نابع من حاجة البلدين إليه، لأن الإرادة السعودية هي في إنهاء هذا الملف إستجابة لرؤية ولي العهد محمد بن سلمان بنقل السعودية من مسار قديم إلى مسار جديد في غاية التطوّر، كما أنّ إنجاز مشروع "نيوم" يحتاج إلى توفير كل أسباب الإستقرار الأمني والسلم العام ما يشجّع على المزيد من الإستثمارات التي تتدفّق بكثافة على السعودية، بينما إيران حماستها كبيرة لإنهاء القطيعة مع المملكة ودخولها من ضمن الشراكة في الأمن الإقليمي وهو مطلب إيراني مزمن، ما يوفّر لها المزيد من الثقة والدعم للمضيّ في مفاوضاتها النووية، كما أنّ الإتفاق جعل عودة سوريا لشغل مقعدها في جامعة الدول العربية والمشاركة في قمة الرياض المقبلة أمراً شبه محسوم".

وكشف المرجع أنّ "ما تريده الرياض في ملفّي اليمن والبحرين قد تحقّق من ضمن بنود الإتفاق، وتحديداً لجهة أمن ممرّات الطاقة، والمباشرة بإنهاء أي تواجد للتنظيمات الإرهابية التي تنتشر في اليمن والتي تشكّل تهديداً على الأمن القومي السعودي، لذلك كان خيار أن تكون الصين هي الراعي للإتفاق باعتبارها تشكّل التقاطع التجاري الرئيسي بين السعودية وإيران، ومصالح الدولتين تتعاظم مع الصين مع توقيع اتفاقيات بمئات المليارات من الدولارات معها لسنوات لا بل لعقود قادمة، كما أنّ ما يميّز الصين أنّها تختلف في وساطتها عن العراق وسلطنة عمان كونها تشكّل ضامناً قوياً للاتفاق وتحديداً في بعده الإيراني، لأن روسيا والولايات المتحدة الأميركية لا تقدران على الالتزام بضمانة أي اتفاق وتحديداً التعهّدات الإيرانية التي اشتمل عليها".

وإذ يشير المرجع إلى أنّه في ما خصّ الإستحقاق الرئاسي "فإن كل المؤشرات الداخلية الظاهرة تقول إنّ سليمان فرنجية حتى الآن هو المرشح الأبرز كون الأمين العام لـ"حزب الله" ومعه رئيس مجلس النواب نبيه بري يتمسّكان به إلا إذا قرّر هو الإنسحاب من السباق الرئاسي"، إلا أنّ "المؤشرات الخارجية تتّجه إلى خيار موثوق قادر على قيادة المرحلة المقبلة بكل إلتزاماتها الإصلاحية مع القدرة على قيادة حوار لبنان حول إستكمال تنفيذ دستور الطائف وصولاً إلى حسم ملف الإستراتيجية الدفاعية".

نداء الوطن

يقرأون الآن