العراق

المرأة في الانتخابات العراقية... مشاركة مؤثرة أم رمزية؟

المرأة في الانتخابات العراقية... مشاركة مؤثرة أم رمزية؟

تخوض المرأة العراقية انتخابات عام 2025 البرلمانية وهي تحمل على عاتقها اختبارا جديدا لمسيرة طويلة من النضال من أجل المشاركة السياسية الفاعلة، لا الشكلية.

بعد عقدين على إقرار الدستور الذي ضمن لها تمثيلا لا يقل عن 25 في المئة من مقاعد البرلمان، تجاوزت المرأة العراقية هذه النسبة لتصل مشاركتها الفعلية إلى نحو 29 في المئة من مقاعد مجلس النواب الحالي، وفق بيانات البرلمان العراقي وهيئة الأمم المتحدة للمرأة.

وتشير أحدث أرقام المفوضية العليا المستقلة للانتخابات إلى تسجيل نحو 7800 مرشح في سباق 2025، بينهم 2248 امرأة، أي ما نسبته 30 بالمئة من إجمالي المرشحين، وهي أعلى نسبة ترشيح نسائية في تاريخ البلاد الانتخابي الحديث.

ومع ذلك، ما زالت الطريق نحو الشراكة الندية طويلا، إذ تظل مشاركة كثير من النساء محصورة في "الكوتا" الإلزامية من دون نفوذ فعلي داخل الأحزاب أو دوائر صنع القرار.

ووفق تقارير دولية حديثة صادرة عن الأمم المتحدة والبنك الدولي، يتصدر العراق نسب التمثيل النسائي في البرلمانات العربية، لكنه يواجه في المقابل فجوة كبيرة بين التمثيل العددي والتأثير النوعي، وسط تحديات اجتماعية وثقافية عميقة تحدّ من قدرة المرأة على ممارسة أدوار قيادية أو خوض الانتخابات بمعزل عن دعم القوى السياسية التقليدية.

وتشكل انتخابات 2025 مفترق طرق جديد أمام العراقيات، بين تثبيت حضور رمزي يكرّس ويعكس الأرقام السابقة، أو تحقيق قفزة نوعية نحو شراكة حقيقية تُترجم إلى قرارات ومواقع قيادية تُعيد تعريف صورة المرأة ودورها في المشهد السياسي العراقي.

وينص الدستور العراقي على ضمان حق المرأة في المشاركة السياسية، مع تخصيص نسبة إلزامية "كوتا" لا تقل عن 25 في المئة من مقاعد البرلمان للنساء.

مشاركة مؤثرة أم رمزية؟

رغم التقدّم العددي في حجم المشاركة، يبقى واقع المرأة السياسي في العراق معقدا ومتداخلا مع منظومة اجتماعية وثقافية محافظة، تتجذر فيها الأعراف العشائرية والهيمنة الذكورية التي تحدّ من المشاركة النسائية الفاعلة.

وفي هذا السياق، تقول الباحثة الاجتماعية شيماء عادل في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية": "تغيير هذا الواقع يتطلب وقتا وجهودا مكثفة في التوعية المجتمعية، وعبر إشراك رجال الدين والقادة والوجهاء المحليين في حملات التوعية تلك، وخاصة في المناطق الريفية والطرفية، لدعم وتقبل مشاركة المرأة ووصولها لدوائر صنع القرار".

وتضيف عادل: "يجب أن تترجم المشاركة إلى تأثير حقيقي داخل الأحزاب وتحت قبة البرلمان، إذ لا تُمنح النساء أحيانا حرية اتخاذ القرار ولا الموارد اللازمة، مما يجعل حضورهن أحيانا مجرد رمزي شكلي أكثر من كونه تمكينا فعليا".

من "الكوتا" إلى القيادة

تشير تقارير الأمم المتحدة للمرأة ومعهد لندن للاقتصاد والعلوم السياسية إلى أن نسبة تمثيل النساء العراقيات في البرلمان تجاوزت "الكوتا" الدستورية، لكنها لم تتحول بعد إلى قوة قيادية داخل اللجان البرلمانية أو المؤسسات الحزبية.

غالبية المقاعد النسائية تتركز ضمن حدود "الكوتا"، بينما لا تزال فرص النساء في الفوز خارجها محدودة جدا.

ويرى مراقبون أن مسيرة تمكين المرأة العراقية تتقدم ببطء نحو الأمام، إذ بدأنا نشهد نساء يتبوأن مواقع في الحكومة والهيئات المستقلة، لكن تكريس الشراكة الندية بين الرجال والنساء في صنع القرار لا يزال هدفا بعيد المنال دون تغيير أعمق في البنية الثقافية والسياسية.

ورغم التحديات، يرى خبراء أن تجربة العراق في تمثيل النساء تبقى من الأعلى عربيا، وأن التحول من التمثيل الرمزي إلى الشراكة الفعلية بات ممكنا إذا ما تم الاستثمار في التعليم والتأهيل والوعي المدني، إضافة إلى ضمان الدعم المؤسسي للمرشحات المستقلات.

وبينما تمثل انتخابات 2025 محطة مهمة في اختبار هذا التحول، يبقى الرهان الحقيقي على قدرة المرأة العراقية في تحويل حضورها البرلماني من رقم في "الكوتا" إلى صوت مؤثر في القرار السياسي والتنمية الوطنية.

يقرأون الآن