يبذل العلماء جهداً لتجربة نهج جديد لعلاج التهاب المفاصل الروماتويدي والتصلب المتعدد والذئبة الحمراء وأمراض المناعة الذاتية الأخرى من خلال إعادة برمجة أنظمة المناعة غير النشطة لدى المرضى.
فعندما تهاجم الخلايا المناعية لجسد المرء الجسم نفسه بدلاً من حمايته، تعمل علاجات اليوم على تهدئة "النيران الصديقة"، بدلاً من علاج ما يسبب ذلك.
ويلجأ المرضى لتناول أقراص وللخضوع لحقن مرتفعة التكاليف طوال حياتهم، مع ما تسببه من بعض الآثار الجانبية الخطيرة - وغالباً لا تكون الأدوية كافية للسيطرة على مرضهم.
وقال ماكسيميلان كونج طبيب أمراض الروماتيزم في جامعة "جونز هوبكنز"، الذي يدرس بعض العلاجات الجديدة المحتملة: "نحن ندخل عهداً جديداً. هذه العلاجات تمثل فرصة للسيطرة على المرض بطريقة لم نشهدها من قبل".
من أجل القيام بذلك، يقوم الباحثون بتعديل أنظمة المناعة غير النشطة، وليس فقط تقييدها، من خلال عدة أساليب تهدف لأن تكون علاجات أكثر فعالية ودقة من العلاجات الحالية.
وتعد هذه العلاجات تجريبية بصورة كبيرة، وبسبب آثارها الجانبية المحتملة، اقتصرت حتى الآن على المرضى الذين استنفدوا العلاجات الحالية. ولكن الأشخاص الذين دخلوا المرحلة المبكرة من الدراسات يحدوهم الأمل.
وتتساءل ميليدي جونزالز (35 عاماً) من نيويورك وهي تبكي: "ما الأمر الخاطئ في جسدي؟"، معربةً عن غضبها من أنه لا توجد علاجات تساعد في تخفيف ألمها اليومي بسبب الذئبة الحمراء.
وقد تم تشخيص إصابة جونزاليز بالمرض وهي في الـ24 من عمرها، وتزايدت حدة مرضها، حيث هاجم رئتيها وكليتيها.
واحتاجت جونزاليز، التي تعاني من مشاكل في التنفس، للمساعدة في الوقوف والمشي ولم تستطع حمل ابنها البالغ من العمر 3 أعوام عندما اقترح طبيبها في يوليو (تموز) الماضي في مركز "ان واي يول لانجون هيلث" إجراء دراسة في المستشفى باستخدام علاج مستوحى من علاج للسرطان.
ولم تسمع جونزاليز من قبل بعلاج الخلايا التائية المستقبلة للمستضدات الخيمرية "سي ايه ار- تي" ولكنها قررت أنها "سوف تثق به". وعلى مدار عدة أشهر، بدأت ببطء في استعادة طاقتها وقوتها.
وأضافت جونزاليز، التي أصبحت لا تعاني من الألم الآن ولا تتناول أقراصاً علاجية: "يمكنني أن أجرى، يمكنني أن ألاحق طفلي".
وكان قد تم تطوير علاج الخلايا التائية المستقبلة للمستضدات الخيمرية للقضاء على سرطانات الدم التي يصعب علاجها.
ولكن الخلايا التي تتلف بسبب سرطان الدم "اللوكيميا" والأورام اللمفاوية – أي الخلايا المناعية التي يطلق عليها " خلايا بي" - تتدهور بطريقة مختلفة في الكثير من أمراض المناعة الذاتية.
وأظهرت بعض الدراسات بالولايات المتحدة والتي أجريت على الفئران أن علاج الخلايا التائية المستقبلة للمستضدات الخيمرية ربما يساعد في هذه الأمراض. وبعد ذلك في ألمانيا، قام الطبيب جورج شيت من جامعة "ايرلانجين – نورمبرج" بتجربة العلاج مع شابة حالتها متقدمة، ولم تنفع علاجات الذئبة الأخرى معها.
وبعد تلقيها جرعة واحدة، خفت حدة مرضها بصورة لم تحدث مع أي دواء آخر منذ مارس (آذار) 2021.
وقال كونج إن تلك النتائج المبكرة كانت "رائعة".
وأدت هذه التجارب لإجراء عدد كبير من التجارب السريرية التي تختبر علاج الخلايا التائية المستقبلة للمستضدات الخيمرية في الولايات المتحدة وخارجها بالنسبة لقائمة متزايدة من أمراض المناعة الذاتية.
وحول كيفية عمل التجربة، يتم انتقاء الخلايا المناعية التي يطلق عليها "خلايا تي" من دم المريض وإرسالها إلى مختبر، حيث يتم برمجتها لتدمير "خلايا بي".
وبعد العلاج الكيمياوي لبعض الوقت من أجل القضاء على الخلايا المناعية الإضافية، يتم إعادة حقن ملايين النسخ من هذه "الخلايا الحية" في المريض.
ويعد علاج الخلايا التائية المستقبلة للمستضدات الخيمرية منهكاً ويستغرق وقتاً طويلاً، ويرجع ذلك جزئياً إلى كونه علاجاً مخصصاً لأمر معين.
ويمكن أن يتكلف علاج السرطان بالخلايا التائية المستقبلة للمستضدات الخيمرية 500 ألف دولار.
وتقوم الآن بعض الشركات باختبار نسخ جاهزة، محضرة مسبقاً باستخدام خلايا من متبرعين أصحاء.


